محلياتمقالات

نبض الحنين

سألت السعادة !

سألت السعادة ، قلت لها : بربك أسعفي ذاكرتي المرهقة ، وأخبريني أين نجدك ؟ ضحكت من سؤالي ملء شدقيها ، وقالت : أين بحثت عني ؟ قلت لها : بحثت عنكِ في المال ، فلم أرى أصحابه إلا في ضنك وقلق ، من فئات حرصوا عليه ، وجمعوه من حال وحرام ، عساهم يظفروا بكِ ، لكنك ذهبتِ إلى رجل فقير يعيش بالكفاف ، ويأكل من عرق جبينه لقمته ويسعد تحت ظلالك الوارفة ..! فتذكرت قول الشاعر : لبيت تخفق الْرَْوَاح فِيهِ … أحب إليّ من قصر منيف وَلبس عباءة وتقر عَينْي .. أحب إليّ من لبس الشفوف بحثت عنك في الأولاد ، فرأيت الناس من يتزوجون مثنى وثاث ورباع ، اعتقادا منهم أن في إنجاب الذرية سعادة ، فإذا بهم يحصدون الكثير من هموم الحياة وضنك العيش ، فلم يسعفهم الوقت لتربية أولادهم فكانوا وبالا على مجتمعهم ، الذي اكتوي بنار انحرافهم ، فذهبتِ إلى رجل أنجب ولدا واحدا ، وعلمه ورباه تربية حسنه، فعاش في كنفه حياة هانئة ترفرف عليه أجنحتك الجميلة …! تذكرت كلمة جامعة هي
كلمة (قرة أعن) في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يقَُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لنََا مِنْ أزَْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّة أعٍَْنُ وَاجْعَلنَْا لِلمُْتَّقِنَ إِمَاما﴾ . بحثت عنك في السلطة والجاه ، فرأيت من ركب هذا السنام ، يحصد الحسد والشقاء ، في الليل والنهار ، وينتابه شعور القلق بفقد السلطان ، فعاش وحيدا ، لا يحيط به إلا المتملقون ، الذين يجاملونه بضحكتهم الصفراء ، ويتمنون زوال نعمته ، وذهبتِ إلى إنسان بسيط ، ينام وحده تحت شجر البراري ، با حراسات ، ولا خوف ، يتفيأ من ظلالك الوارفة ..! فتذكرت قول كسرى في عمر بن الخطاب رضي الله عنه (عدلت فأمنت فنمت يا عمر) بحثتُ عنك في العلم ،فرأيت من ذهب إلى جمع الشهادات المزخرفة والمبهورة بالعديد من الأختام ، بطريقة صحيحة ، وأخرى ملتوية ،معتقداً أن العلم يكمن في هذه الورقة الكرتونية ، فراح يتطاول بها على العباد كأنه ، لم يقرأ قول العقاد :(حن نتعلم لنبتعد قليا عن نقطة الجهل أما نقطة العلم لا تدرك أبدا)، بينما رأيتك تتسللين ، إلى طالبي العلم ، مهما كانت شهاداتهم ، ومستوياتهم التعليمية ، الذين يقضون الكثير من وقتهم بن أرفف المكتبات ، وأدراج المعامل ، يبحثون عن كلمة شاردة ، و يوثقون اقتباسا من مرجعٍ ، يقلبون الكتب بكل شغف ، والناس نيام ، ولا يروق لهم جفن حتى يصلون إلى غايتهم من البحث .! فتذكرت قول المتنبي ( وخير جليس في الزمان كتاب) قلت لها : أما آن الأوان أن تجيبيني ؟! قالت : إذا أردت أن تجدني ، فتش عني في القلوب العامرة بالإيمان ، وتقوى الله في السر والعلن .! فتذكرت قول الشاعر : ولست أرى السعادة جمع مال : ولكن التقي هو السعيد …!

■ الدكتور. خليفة العتيري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى