مقالات

تحية وسلاما

شكراً .. عماد الطرابلسي

يعرف جيدا من يعرفني جيدا إنني لا أحب عادة استخدام لغة المدح في الصحافة ، ولا أحب التصفيق لأحد ، ولست معنيا بالتقرب لأحد، لأنني باختصار لست في حاجة إلى أحد ، وقلمي ليس له ثمن حتى يفكر أيا كان في شرائه ، كما انني أؤكد بانه لا تربطني أية علاقة اجتماعية ولا شخصية ولا فكرية ولا سياسية بالسيد وزير الداخلية عماد الطرابلسي ، ولا ينبغي لي ذلك.. لكنني أجد نفسي هذه المرة أمام عمل يستحق الاشادة والتقدير، ليس من شخصي ولكن من طرف مئات الآلاف من المواطنين الليبيين القاطنين غرب مدينة الزاوية ، وتحديدا من مدينة صرمان شرقا حتى ضاحية زلطن اقصى الغرب الليبي ، وهي المناطق التي ظلت منذ عام 2011 م وحتى شهر مضى تقريبا تعاني أزمة مستمرة وخانقة في عدم توفر وقود السيارات، وقد رأيت في مناسبات عديدة كيف تمتد طوابير المركبات لعدة كيلو مترات، وكيف ينام الرجال أمام محطات الوقود، وكيف يقضون الساعات الطوال في انتظار الإعلان عن وصول إحدى شاحنات نقل الوقود، والتي غالبا لا تفي بالغرض، كل ذلك لأجل الحصول على بضعة لترات من البنزين .. ورغم المعاناة المستمرة والمؤلمة، وحالة الاذلال التي لم تتوقف لأبناء المناطق المشار إليها، الا ان حكومات البؤس التي تعاقبت على البلاد ظلت عاجزة عن إيجاد حلول لأزمة يعرف الجميع أسبابها، دون ان يتجرأ أيا من مسؤولي الصدفة على الاقتراب منها ووضع حد لها . كان الجميع دون استثناء على علم بكميات الوقود الهائلة التي يتم تهريبها برا وبحرا، من جماعات تغولت حتى صارت تمارس وقاحتها بصورة علنية، متحدية بذلك كل مؤسسات الدولة المتهالكة، ولم يجد الساسة الفشلة إلا التفكير في رفع الدعم عن المحروقات، وهو الخيار الأسواء للمواطن، والأيسر لإدارات العجز، والأنسب لدعاة الليبرالية المتوحشة التي لا تعنيها إلا مصالحها الاقتصادية . لكن الخطوات الجريئة للوزير الشاب عماد الطرابلسي تجاه ما يجري في منفذ رأس اجدير، نسفت كل الخيارات السابقة، وأكدت إنه بالإمكان في ظل وجود إرادة وطنية صادقة الحد من التهريب، ومحاصرته في أدنى مستوياته ، وهو ما تم فعلا، حتى إنه صار بالإمكان اليوم ان يتزود مواطني مناطق أقصى الغرب الليبي باحتياجاتهم من الوقود بكل يسر، واختفت تماما تلك الطوابير المهينة التي كان يصطف فيها أبناء المناطق (المنكوبة بنزينيا) .

* أ.د. مسعود التائب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى