محلياتمقالات

للو طن

عرف الإنسان «الغناء» قبل أن يعرف «الكلام» وعرف «الفن الفون الجميلة » قبل أن يعرف اللغة الناطقة ف هل يبدو ذلك غريبا ؟ فعلا .. قد يبدو ذلك غريبا حقا ولكنه رغم غرابته الشديدة هو الحقيقة .. ف الإنسان عرف وأحب «دندنات» أمه وهو يتملس حلمتها فكانت الدندانات «حليبا» جرى في شرايينه حتى تشكلت به وتلونت بلونه و »دندنات» الأم ل طفلها فن رفيع يتسرب في حنايا الطفولة التي تتلمس أبواب الحياة ولا حياة في حسها وفهمها الطفولي إلا ماتتلمسه في حلمة الأم وحضن الأم و »دندنة « الأم التي عوالم فيها الصوت الحنون الخافت الخافي اللذيذ الذي يلامس الحنايا دافئا دفقا خافقا تسرح معه الطفولة في عوالمها الخاصة التي تتهجاها قليلا قليلا وتتسرب في فهمها الطفولي دنيا خاصة يرسمها هذا «النغم» الذي ينسكب في الروح ليكوّن عوالم طفولية فإن عجزت الطفولة عن « الإرسال » فهي لا تعجز عن «الاستقبال» وإن عجزت عن الكلام والفهم العميق فهي لا تعجز عن استقبال «الصوت » نغما ساحرا ولا تعجز عن فمه وتلمسه وتحسسه بطريقتها الطفولية .. فالطفولة التي تلمست الحلمة وأدركت أن لذتها ونشوتها و »عالمها» كله هو هذا الحضن وهذا الصدر وهذه الحلمة فتقوم بين الطفل وبين حضن أمه وصدر أمه وحلمة أمه علاقة «واسعة» كما هو «العالم الواسع» الشاسع فيما يرى ويفهم الكبار »ودندنات« الأم لولدها أو لبنتها هي «برمجة كاملة» في «الحافظة» الطفولية تستقر فيها بنغمها وظلالها وجمالها الذي يستمد سلطانه وقوته من «الأم» ومن فهم وحس الطفولة»
والأم تداعب أطفالها بغناء فيه التدليل وفيه الحكمة وفيه التنغيم الخالص الذي يكون «هدهدة» للتنويم وقد لا تكون «الهدهدة» إلا نغما بلا كلمات »وتنويم« الأك لأطفالها يسميه أهلنا «التهوهاي« لأن الأم تكرر فيه لازمة نغمية تقول (هو..ها). وهي تضغط على الضمة في (هو) ضغطا واضحا وطويلا قبل أن
تلحقها ب (ها) .. وقد تقول مناغية لطفلها (هو ها .. ياعصيدة ع الخوى هو ها .. يادلال ويادوا) و »مناغاة » الأم لطفلها بالأغاني الواضحة تسمى «الترجيب« وهو لون من ألوا مناغاة الطفل وتطريبه كأن تناغيه قائلة (غير اكبر بس .. غير اكبر بس / انديروا لك عدة وفرس) و.. هذا تناغي به ولدها فإن كانت بنتا فهي تناغيها قائلة لها (نجيها ونجيها / بنتي والزين عليها تكبر ويجوني فيها / اللي راها يهاتي بيها) فأما علاقة الطفل بالرسم والفنون الجميلة ف «الوحمة » التي
تتخلق في الطفل وهو في بطن أمه وتظهر عليه وكأنها «وشم« تشكل لوحة في جسده فهي «لون » من ألوان الفن الجميل والحس العالي في الأم لأن الوشمة تتخلق في الطفل من اشتهاء الأم لشيء تراه ولا تناله كالفاكهة أو اللحم أو أي شيء غريب يمكن أن «تتوحم» عليه الأم فينطبع إحساس الأم «لوحة » تزين جنينها .. ولكن لماذا أحدثكم عن معرفة الإنسان بالنغم وباللوحة والرسم ياترى ؟؟ لماذا أؤكد لكم أن الإنسان عرف الغناء وعرف اللوحة قبل معرفة الكلام .. في المقال القادم سنلتقي بمشيئة الله تعالى لأقول لكم لماذا افتتحت بهذا التأكيد عن معرفتنا للغناء والرسم قبل معرفة الكلام ..

* عمر رمضان اغنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى