اجتماعي

هل انتهى عصر الضرب في المدارس ؟!

بما أن الأطفال يقضون ثلث يومهم على الأقل في المدرسة فلا بد أن تكون المدارس مكاناً آمناً يحميهم من الخطر وليس مكاناً للضرب والإهانة وفي بعض الحالات التعذيب ! وقد تم منع الضرب في المدارس بناءً على توجه عالمي يقوم على مكافحة العنف ضد الأطفال بمختلف أشكاله وأهدافه ، وانضمت معظم الدول العربية تباعاً لوضع قوانين صارمة تمنع الضرب والتعنيف في المدارس بشكلٍ نهائي، كما أثبتت المنظومة التعليمية في العديد من الدول أنها قادرة على لعب دورها التربوي والتعليمي دون اللجوء للضرب والعنف ، إضافة لازدياد الوعي والمعرفة حول أضرار الضرب في المدارس وتأثيره على حالة الطلاب النفسية وتحصيلهم العلمي، وتأثيره على المجتمع ككل في المستقبل . ويجب هنا أن يتذكر مؤيدو الضرب في المدارس أنه من غير الممكن وضع معيار واضح أو ثابت درجة الضرب أو الحالات التي يكون فيها مباحاً والتي لا يكون فيها كذلك ، فعندما يكون الضرب مسموحاً بل ومطلوباً  في المدراس لن يتمكن أحد من توقّع نتائجه البدنية المباشرة أو آثاره النفسية على الأطفال.
■ أضرار الضرب في المدارس الأذى الجسدي المباشر: في بعض الحالات يتسبب استخدام الضرب والعنف في المدارس بإعاقات مستديمة للطلاب وأضرار جسدية بالغة قد تنتهي بفقدان الطالب لحياته ! وبما أن المعلمين ليسوا على نفس القدر من الانضباط أو السوية النفسية فكان لا بد من وضع قانون مانع شامل يوقف أي احتمال لتعرض الطلاب في المدارس للأذى الجسدي . اما عن التأثير النفسي للضرب على الطلاب فإن سلوك الضرب في المدرسة يسبب للتلميذ الحرج والخوف والشعور بالانكسار أمام زملائه وأمام نفسه ، وغالباً ما ينعكس ذلك على ثقة الطالب بنفسه واستقراره النفسي ، بل أن الضرب في المدرسة قد يكون سبباً مباشراً للاضطرابات النفسية المرتبطة بإساءة المعاملة في الطفولة ، منها تطوير الشخصية المعادية للمجتمع وأنواع الرهاب والفوبيا وغيرها. وقد يأتي الضرب في بعض الأحيان بنتائج عكسية مما يسبب نفور الطالب من المدرسة بعد أن كان يحبها ويحبط رغبته بالدراسة ويقلل الحافز للاستمرار والنجاح فيها ، والضرب خاصة في المرحلة العمرية المبكرة قد يسبب خوف التلميذ من المعلم والخوف من الذهاب للمدرسة، التي يرى فيها مكاناً لحجز الحرية والعقوبات والخوف ، وبالتالي يصبح لديه نفور من المدرسة ما يؤثر على معظم مراحل مسيرته التعليمية ، وقد يؤدي لاحقاً لتسربه من المدرسة والهروب منها إذا لم تتم معالجة هذا الأمر. كذلك فإن الضرب قد يساهم في تنمية السلوك العدواني عند الطلاب فالعدوان غالباً ما يؤدي لتعلم العدوان ، واللجوء للضرب في المدارس قد يولّد مشاعر الحقد والكره عند الطلاب تجاه المعلمين ، ثم تتطور هذه المشاعر لسلوك عدواني تجاه أقرانه كنوع من تفريغ الشحنة العاطفية الناتجة عن تعرضه للتعنيف ، أو تجاه معلمه من خلال محاولة إيذائه كنوع من الانتقام ، أو تجاه المجتمع الذي تسامح مع تعرض الطالب للضرب والإهانة . كما أن الضرب بحسب بعض الدراسات يفسد العلاقة بين الطالب والمعلم فبدلاً من علاقة المودة والاعجاب والاحترام تسود العلاقة اجواء النفور وعدم التقبل والكراهية؛ بحيث ينعدم التأثير التربوي الذي يفترض أن يتمتع به المعلم على الطالب بل يصبح عكسيا ، أضافة لذلك فإن الضرب يحد من تنمية تفكير الطالب الإبداعي وغيرها من النتائج الأخرى التي تأتي جميعاً في إطار سلبي لا يخدم العملية التعليمية ولا يساعد في زيادة التحصيل العلمي للطالب . إذن والحال هكذا فما هي ياترى البدائل التي يمكن استخدامها لإصلاح حالة الطالب ولجعله أكثر حرصاً على الالتزام والمواظبة على الدروس ؟ هنا قد يلجأ المعلم إلى مايعرف بالعقوبات التعليمية التي تكون على شكل مهام تعليمية حسب مرحلة الطفل، مثل كتابة حرف معين بشكل صحيح عدة مرات ، أو عدم السماح باللعب حتى يتمكن الطالب من حل مسألة معينة مع تقديم الشرح الكافي من قبل المعلم ، وغيرها من الخيارات، وهذه الطريقة تفيد من ناحية في معاقبة الطالب بطريقة غير مؤذية لتحسين أدائه وسلوكه ، ومن ناحية أخرى تفيد في تعلم مهارة أو إتقان كتابة حرف أو كلمة معينة.
* تنمية الحافز والدافعية لدى الطلاب : كما تحتاج التربية والتعليم أحياناً للعقوبة فهي أيضاً تحتاج التشجيع ليصبح لدى الطالب حافز ودافعية للالتزام والقيام بالواجبات وتحسين المستوى التعليمي، وهذا الحافز يمكن أن يكون مكافأة ، أو إطراء، أو اعتزاز بالطالب أمام زملائه ، أو شرح مبسط من قبل المعلم يجعل التلميذ يتقبل الشيء المراد تعلمه ويمارسه ويتدرب عليه بمتعة .. لكن في المقابل توجد حالات لاتنفع معها هذه الأساليب وهنا يدعو الاختصاصون إلى اللجوء للإرشاد النفسي والاجتماعي للتعامل مع بعض تلك الحالات التي قد تعاني من وجود اضطرابات نفسية أو سلوكيات عدوانية ، أو سوء تربية من قبل الأهل ، ولهذا يجب أن يتوفر في المدرسة كادر مدرب ومؤهل للإرشاد النفسي والاجتماعي المناسب للمرحلة العمرية والتعليمية يحال لها الطالب في هذه الحالات الخاصة ، ومن الضروري أيضا التعاون مع الأهل لوضع الأسرة بصورة مباشرة لحل مشاكل الطالب وأسبابها والتعاون في حلها . غير ذلك فإن الحزم مهم جداً في
* علاقة المعلم أو المعلمة بالتلميذ : فإن أسرة التدريس يجب أن تظهر بالمظهر الحازم الذي يفرض احترامه على الطالب من خلال المظهر الحسن والسلوكيات المتزنة وعدم التهاون والإفراط في المزاح والتسيب؛ بل إن المعلم وكذلك المعلمة يجب أن يكون قدوة ويجب ان يمثل دخوله للفصل حدث ينتبه له كل الأطفال ويتعاملون معه باحترام وليس بخوف أو بعدم اكتراث وهذا للأسف مايحدث في مدارسنا، حيث يتعاطى بعض المعلمين مع العملية التعليمية كونها مجرد وظيفة لا تحتاج لذلك الإعداد المسبق في التعامل مع الطالب مما يجعل العلاقة تسوء بينهما من ناحية الاحترام وبذلك تضيع فرصة تربوية مهمة ويجعلنا لانرى بديل للضرب كوسيلة لاستعادة هيبة المعلم التي هي الأساس في إصلاح العملية التعليمية وربما ذلك ما نتصوره عجز وقصور لدى بعض المعلمين الذين يستهترون في سلوكياتهم مع الطلبة ثم يسألون عن هيبة المعلم .
منقول بتصرف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى