محلياتمقالات

أمن سيبراني و دولة تعاني

لاشك أن البيئة الآمنة هي مطمح وغاية الجميع في حالة الوعي والإدارك، وذلك بعد أمن الحياة و الغذاء التي يرعاها الله تعالى (أطَْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) … وحتما فإن تطور الحياة لتصبح أركانها رقمية والكترونية تماشيا مع عصر الثورة التكنولوجية والعالم .. يصير الأمن السيبراني ضرورة ملحة وهامة في ضمان البيئة الآمنة لممتلكات وأسرار وبيانات الأفراد والمؤسسات كافة .. لذا يستوجب مع كل تقنية ورقمنة للحياة العامة أن تكون هناك ممارسة حقيقية لحماية الشبكات والأجهزة والأنظمة والبيانات من أي تهديدات الكترونية محتملة قد تكون خطرا لا يمكن وضع تصور محدد له ولا يحمد عقباه. إن ما نشره البنك المركزي الليبي عن اختراق لأنظمة حجز وبيع العملات الأجنبية «رغم الإجراء المؤقت الذي اتخده البنك لوقف هذا
الهجوم الالكتروني» بمنع الدخول للمنظومة من خارج الباد ، أو ما تداولته صفحات عدة نقا عن الصحافة الايطالية حول اختراق الكتروني لإحدى كبريات الشركات النفطية العاملة في ليبيا والتحكم فيها وطلب فدية لمعلوماتها الإنتاجية (إن صح الخبر)، و ما نلاحظه كذلك من إعلانات مكتب النائب العام عن ضبط نشاطات إجرامية من بعض العاملين في المصارف والشركات لاختلاس أو تلاعب بالأموال المخولين بالعمل عليها أو إفشاء معلوماتها، أو ما سمعناه سابقا عن اختراق منظومات أسماء المشتركين بشركات الاتصالات أو غيرها وتسرب بياناتهم .. كلها تصب في «اللي يعضك ذكرك بسنونك» وأسناننا حتما تكمن في الامن السيبراني للأنظمة والأجهزة والتطبيقات التي تتحكم في أعناق الناس والمؤسسات بشكل غير ملحوظ عند العامة. الأمن السيبراني .. مصطلح علمي تقني ليس له علاقة بالشرطة الالكترونية التي أعلنتها حكومة الدبيبة ودورياتها في شوارع العاصمة ، ولا علاقة له بهيئة رصد المحتوى الالكتروني .. بل هو مهمة فنية أصيلة ورئيسية لحماية وامن المعلومات والحواسيب والنظم والشبكات الالكترونية، فهي من مهام رجال التعامل بالحواسيب والأجهزة والشبكات والممتلكات والخدمات الحساسة وحمايتها من الاختراق أو السيطرة غير المشروعة والسرقة والفساد أو الكوارث، والعمل على ضمان حماية استمرار إنتاجيتها وعملها في متناول المخولين بها، وإبعاد غير المأذون لهم او غير الجديرين بالثقة من التحكم أو التلاعب بها وبمحتوياتها، لذلك كان من الواجب بل من الأصل أن يتم التعاقد ليس بمنطق المفاضلة السعرية في اقتناء وتوريد التقنية فقط ، بل وجب أن تكون الأنظمة الرقمية تعتمد اعلى معايير الأمن والسلامة والحماية، والاعتماد في ذلك على
خبرات وإمكانيات مصممي هذه التقنية وخدمات الحماية والأمان ما بعد البيع والدعم الفني.. وأيضا الابتعاد عن سياسة ملء الفراغ العشوائية في تكليف الموظف بصاحيات هامة وخطرة دون معرفة بالأنظمة الرقمية و دون تأهيل فني وتقني واخاقي وحس وطني وضمير لا شك ان الهاكر أو الفيروسات والاختراقات الالكترونية متجددة ومتغيرة كل لحظة ، وفي كل مكان من العالم ، حتى في الدول صاحبة براءة الاختراع وفي أعلى نظم حمايتها وأجهزتها، ولكن من الواجب حقا أن نواكب ونلاحق أفضل التطورات والاختراعات للتصدي للتلاعب بمنظوماتنا ومعلوماتنا وبياناتنا وحماية الأنظمة من العبث أو الخطر أو التهديد او الفساد وما يترتب عنه من ضرر وخسائر لا قدر الله في حال حدوث ذلك . إن أمن الهواتف الذكية وامن الشبكات الالكترونية والحواسيب والسحابيات صار بعد اعتمادنا على رقمنة حياتنا وأموالنا ومعلوماتنا وأرشفة مصير الدولة من الأهمية لأن توالي كل الجهات العامة والخاصة والافراد هذا الأمر بالغ الاهتمام ، والدعوة لتأهيل الكوادر البشرية وإمدادها بالتقنية اللازمة والضرورية مهما كلف ذلك لحماية المعلومات وإدارة الحقوق والمعامات البنكية والمالية وحماية البيانات والمعلومات والمستندات من استغال الإرهاب الرقمي والحروب الالكترونية، وضمان أمن الانترنت والمنظومات والحوسبة السحابية . على الدولة بحكومتيها وبرلمانها وبنوكها ومؤسساتها ومواطنيها و عساكرها وأجهزتها الأمنية ورجال العلم والمعرفة والاختصاص اينما كانوا وحيثما وجدوا إياء الامر أهمية قصوى وعناية فائقة قبل ما يقع الفاس في الرأس . إن الإمكانيات يجب أن تسخر وتوجه لحماية المعلومات والشبكات والحواسيب والأنظمة الرقمية من أخطار الاختراق أو الاسنعمال والوصول غير المشروع لغير المختصين .. يجب ان تؤهل الكوادر الفنية من مهندسي البرمجيات و الحواسيب اللببيين والاعتماد عليهم وإيلاء عناية قصوى وسريعة بطلاب تخصصات IT ونوابغ الألعاب والأجهزة الالكترونية. يجب أيضا استحداث أقسام هامة بجهازي الأمن الداخلي والخارجي وأجهزة المخابرات العسكرية، وتمنح لهم كافة الاعتمادات المالية مهما كانت قيمتها وإمدادهم بالخبرات والأجهزة والمعدات والمعرفة الكفيلة بتوفير هذه الحماية وصون المعلومات والممتلكات من العبث والفيروسات والاختراقات ومراقبة ذلك ، حتى في ظل شح السيولة وانخفاض قيمة الدينار أو تأخر المرتبات أو الحرب السرية بين متصدري المشهد وقادة المؤسسات العامة في ليبيا ، فإن اعتماد موازنة ضخمة لأجل ذلك بعد أمن الغذاء والدواء صار دعوة ملحة وعاجلة اليوم والآن وليس غدا.

 

 

  • د. الزبير غيث

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى