ذكرى رحيل الشيخ حسن
مرَّت علينا في الثامن عشر من شهر أبريل الماضي ، الذكرى الخامسة عشر لوفاة الشيخ الفنان الأستاذ حسن عريبي ، رائد من رواد نوبة المالوف في مدينة طرابلس . فهو إلى جانب إنتاجه الغنائي الرائع الجميل والغزير خلال العقود الماضية ، قام في منتصف العقد السادس من القرن الماضي بنقل نوبة المالوف الليبية من بيئتها التقليدية المتوارثة في الزوايا العيساوية إلى استوديوهات الإذاعة والمسارح والحفلات والمهرجانات العربية والدولية ، وقد دعاه ذلك النقل إلى تغيير فنون أداء النوبة ، وإدخال الكثير من التعديلات والتغيرات عليها لعل من اهمها : وضع مقدمات موسيقية من تلحينه لتحل محل استخبارات آلة الغيطه السابقة – وضع فواصل موسيقية بدلا من الألفاظ المتوارثة القديمة – إعراب نصوص النوبة بما فيها النصوص الزجلية؟ لتصحيح بعض الأخطاء ، التي وقع فيها مشائخ النوبة الأوائل حسب رأيه – أداء النوبة بمجموعة صوتية بدلا من طريقة شيخ وردّادة القديمة ، بمصاحبة فرقة موسيقا عربية متكاملة بدلا من آلات النوبة التقليدية : الغيطه و البنادير . والنقره والنوبه . كل ما تقدّم جعل النوبة تظهر بمظهر جديد يغلب عليه طابع الموسيقا العربية المشرقية المعاصرة، وأبعدها عن طابعها وشخصيتها وطبوعها الأندلسية المتوارثة القديمة. وقد عارض الكثير من مشائخ النوبة في مدينة طرابلس تلك الخطوات الجريئة ، كما روى لنا بنفسه رحمة الله عليه في أكثر من مناسبة ، رافضين خطوات التحديث والعصرنة والتدخل في موروث صوفي أصيل . ولكن تمّ قبول تلك الخطوات الجريئة مع مرور الزمن ، وقبول وجود مالوف الزاوية مع مالوف الإذاعة جنبا إلى جنب ، وهكذا تمّ قبول النوبة بمظهرها الجديد المتطور ، الذي أضفى عليها الكثير من جماليات الموسيقا العربية المشرقية المُعاصرة ، وعمل على انتشارها الواسع داخل البلاد وخارجها .
د. عبد الله مختار السِّباعي
