مقالات

المثقف والسلبيات والإيجابيات

تعود أهمية المثقف الوطني إلى القراءة الصحيحة والصادقة التي يقدمها لمواطنيه وإلى تلك الطاقة الإيجابية والأمل الذى يزرعه فى عقول المحيطين به ومجتمعه، ولعل النظر إلى ما خلص إليه الفيلسوف « انطونيو جرامشى « الذي يعتبر رائدا للنظرية السياسية بخصوص دور المثقف، من منظور اجتماعي وعلاقة النظم بالناس من خلال المثقفين ، فعبر تأكيده على مفهوم البناء ، ينبّهنا «جرامشي» إلى أن الوصول إلى السلطة ليس نهاية المهام السياسية للحكومات بل أن العمل المستمر على تحقيق التنمية والرخاء ، وصناعة السلام ااجتماعي وتخفيف التوتر وقبول الآخر وهو ما يؤدي لإلى قبول المجتمع لكافة أطيافه ومكوناته وتعزيز اللحمة الوطنية ، وهذا الأمر وحده الكفيل بتجاوز المجتمعات للمختنقات والأزمات ، لقد كانت ترتيبات الأنظمة القديمة لفرض سيطرتها على الشعوب وبذر الفرقة ، هي اعتماد سياسة التجهيل وحجب المعرفة وبناء حصانة ناجعة ضد الأمل والطاقة الإيجابية 4 لمنع اي تحرك مضاد للأنظمة ، وهكذا يكون دور المثقف بناء ومهما لصالح تثبيت أسس المجتمع ، كما أنه ضروري لبناء مجتمع متوازن ومستقر حقيقي ا تكون فيه العدالة ااجتماعية مجرد للتخطيط اقتصادي يصاحبه اغتراب سياسي من الجماهير. من جهة أخرى، يشير «جرامشي» إلى أن خلق الوطن هو المهمة الأولى التي على المثقفين والثقافة أن تنجزها باعتبار الوطن هو وعاء أي مجتمع حديث. من هنا تظهر مركزية بناء الوطن في فكر «جرامشي»، باعتبارها عملية ااتصال بين لالوعي البشري والعالم الطبيعي وااجتماعي، كما ليظهر الدور الذي يمكن أن يلعبه المثقف في تطوير الوعي السياسي لدى النخب الوطنية لتجاوز خيبات الأوطان ومآزقها.فللمثقفين وضعية خاصة بالنسبة ل«جرامشي ،»فهم المُناط بهم الفعل السياسي والتأثير المهم في الحركة وتشكيل وعي الجماهير من خلال المجتمع المدني. ف»جرامشي» هو مفكر القطيعة المعرفية بامتياز، فهو ا يأخذ التعريفات المتعارف عليها لأكاديميًا للمثقفين في الحسبان، وإنما يهتم بتحليل الواقع المشاهد أمامه، وهنا نذكر الكاتب العراقي المولد الكويتي الجنسية «نجم الدين عبدالكريم »الذي بدأ في ستينيات القرن الماضي بالوقوف وراء الميكروفون معدا ومقدما ومخرجا ومحاورا وكاتبا للبرامج ااذاعية، وكان من مؤسسي فرقة المسرح لالعربي فى القاهرة بقيادة «زكي طليمات» إذ شارك في تمثيل مسرحية «صقر قريش» وعمل في المسرح وأخرج مسرحية «بني صامت» عام 1975 وعمل في مختلف مجاات الإعلام ، وكان مسؤوا في التلفزيون للوعمل في الصحافة، والتمثيل والإخراج والإذاعة فى الكويت فاعتبر من الرواد. وقدم شخصية الدكتور «عرفان» في الفيلم الكارتوني الرجل الحديدي» الذي بقيَ عالقاً في ذهن الأطفال إلى اليوم ، ثم انتقل للعيش في لندن وأنشأ إذاعة باسم إذاعة «كل العرب »، وكان يكتب مقاات في جريدة الشرق الأوسط في لالسبعينات.. وهو حاصل على الدكتوراه في الإعلام ، وله عدة مؤلفات حيث صدر له كتابان عن دار رياض الريس للكتب والنشر:- ااول عام ل)2012(: بعنوان ) شخصيات عرفتها وحاورتها ( في جزئينوالثاني عام )2014(: بعنوان «أدباء من العالم غرائب مأساوية» سير وحكايات أسرار عباقرة وعظماء ، وفي إحدى اللقاءات وهذا هو المهم ، سئل عن من هو. « المثقف؟»فأجاب :المثقف هو الذي يقلص اكبر قدر من السلبيات، ويوسع دائرة الإيجابيات، قد يكون فلاحا.. وقد يكون نجارا.. وقد يكون عاملا.. وقد يكون وزيرا.. وقد يكون أميراً.المثقف ليس فقط من يتحدث باللغة العربية الفصحى، ويعرف السيمفونية التاسعة لبتهوفن، وملم بلوحة «الجرنيكا لبابلو بيكاسو» ويعرف كم ثروة عبد الرحمن بن عوف، وعلى بينة من أشعار البحتري، والذي يردد دائما أبيات للمتنبي، والذي يردد االياة لوالأوديسة لهوميروس ، فالمثقف ليس ذلك الفرد الذى يكتظ رأسه بكم معرفي فذلك ليس مثقفا، يقول الدكتور ، فالمثقف الذي ا يسهم بانتشال لالمجتمع من الجهل.. ومن التخلف.. ومن التعصب.. ومن الطايفية والجهل ليس مثقفًا ، بل شخص مثير للشفقة ، والخلاصة فالمثقف هو كنبع الماء ، كالغيمة الماطرة التى تساعد على تلطيف الأجواء وإنبات الزرع والبسمة وإعطاء الأمل والثقة .

* الدكتور: أبو القاسم صميدها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى