ليبيا موطن إنسان الكهوف
بعد قيام جامعة كامبردج البريطانية بإعادة محاكاة لبقايا عظام بشرية قديمة بواسطة حواسيب مخصصة لذلك، وإجراء صور مقطعية للبقايا قالت عالمة الآثار الإنجليزية (إيما بوميروى) إن المحاكاة كانت مدهشة وتعطي دلائل على حياة الإنسان القديم او ما يعرف بإنسان الكهوف الذى يطلق عليه العلماء اسم (النياندرتال) ، ومن جهته قال الدكتور مجدى شاكر كبير علماء الآثار المصري إن إنسان الكهوف او ما يعرف (بالنياندرتال) عاش فى كهوف ليبيا ، التي كانت موطن إنسان الكهوف قبل قرابة الأربعن ألف عام ، وحسب الموسوعات يالعلمية فإن إنسان نياندرتال هو نموذج لإنسان ما قبل التاريخ الذي عاش في أجزاء من أفريقيا بمنطقة الصحراء الكبرى ومناطق ما بين النهرين يبعد انحسار الحقبة الجليدية القاسية من نحو 100,000 إلى 350,000عام مضى، تلك الحقبة التى أعقبت اصطدام نيزك كبير بالأرض خال حقبة الديناصورات التي كانت تسيطر على لالارض بوصفها زواحف عظيمة لاحمة وعاشبة ، فبعد الاصطدام الكارثي غطى الأرض سحاب وغبار كثيف حجب أشعة الشمس مما تسبب في انخفاض درجة الحرارة وفناء الديناصورات وانطمرت الأرض بالجليد ،واستمر الحال طويا لثم مع انقشاع السحاب والغبار بدأت أشعة الشمس تصل إلى الأرض ، فانحصر الجليد عن مناطق الصحراء الكبرى وما بن النهرين والجزيرة يالعربية، ويصنف العديد من العلماء إنسان (النياندرتال) ضمن فرعية مبكرة من الإنسان العاقل واعتقد العلماء لزمن طويل أن الإنسان النياندرتالي كان أحدب، لكن الحفرية التي عُثر عليها فى أحد الكهوف الألمانية أظهرت أن طول هؤلاء الناس نحو 155سم، وأنهم كانوا يمشون معتدلي القامة تماما، وكانت لهم عظام ثقيلة، وأطراف مقوسة قليا، وحواف حواجب كبيرة، لوأسنان قوية، وكان المخ كبيرا مثل إنسان العصر الحاضر، لكنه يبدو أنهم كانوا يعتمدون على قوتهم البدنية بدلا عن الاستخدام الماهر لعقولهم أو الاستخدام المبتكر للأدوات، إلا أن عظام الحيوانات التي وجدت مع حفرية الإنسان أظهرت أن النياندرتالين كانوا قناصن مهرة ، وكانوا يييعيشون في مأوى مؤقت وهو الكهوف وتجاويف الجبال ، ويقومون بتتبع قطعان الحيوانات للصيد ، ويعيشون أحيانا في مغارات، وتظهر بقايا أحافير النياندرتالين أن بعضا منهم على الأقل، قد قاموا يبدفن موتاهم بشكل يدل على معرفة ، وتزخر الجغرافيا الليبية بعدد كبير من الكهوف وخصوصا مناطق الجبل الأخضر وجبال تيبستي وجبل نفوسه ، وفى منطقة أكاكوس بالجنوب الليبي توجد مجموعة مختلفة من المكونات الطبيعية، من الهضاب الرملية إلى الأقواس الصخرية والأحجار الضخمة إلى الوديان. والكهوف ،ومن أهم المواقع في المنطقة قوس «افازاجار» وقوس «تن خلجة .»ورغم أن المنطقة من أشد المناطق القاحلة في الصحراء الكبرى إلا أنه يوجد بها بعض النباتات مثل نبات «الكالوتروبيس». وتشتهر المنطقة بكهوفها القديمة، كما أنها غنية بمجموعة المنحوتات واللوحات الملونة المرسومة على الصخر مما يدل على وجود حياة بشرية سابقة فى تلك الكهوف ، وبسبب تواجد تلك الرسومات والمنحوتات فقد أعلنت المنطقة من قبل اليونسكو كموقع للتراث العالمي في العام 1985 بسبب أهمية تلك اللوحات والمنحوتات والتي يعود تاريخ بعضها إلى 21,000 عام. والتي تعكس ثقافة وطبيعة التغيرات في المنطقة واللوحات والمنحوتات هي لحيوانات مثل الزرافات والفيلة والنعام والجمال وأيضا مجموعة من البشر والخيول . ورغم وجود هذه المعالم التاريخية والكهوف ، لكن لم يتم دراستها بعناية وبتفصيل دقيق من جانب جامعاتنا ومعاهدنا ومراكز الأبحاث الليبية ، باستثناء ما قام به الباحث « الأركيولوجى « الدكتور عبدالعزيز الصويعي الذى قام مشكورا بنشر ودراسة العديد من تفاصيل تلك الكهوف ، وهو يرى أنها كانت موطن الإنسان القديم وأن كهوف ليبيا شكلت مفصا مهما فى الحضارة البشرية بداية من لالرسم والنحت وصولا للكتابة والحرف وأن هذا الأمر يجب الاهتمام به وإعطاء بادنا حقها فى لالوجدان الإنساني باعتبارها موطن إنسان الكهوف ومنها بدأت رحلة الإنسان مع الكتابة والصورة وهو دور حضاري مهم نفتخر به جميعا ، فهل ستقوم مؤسساتنا العلمية وجامعاتنا بالاهتمام بتلك اللمسات الحضارية التي تعكسها الكهوف الليبية ومدلولاتها والتي ستساهم فى وضع ليبيا ضمن مكانتها العالمية في مصفوفات علم الأركيولوجيا خدمة للإنسان والتاريخ والعلم ؟.
* الدكتور : أبو القاسم صميده