مقالات

أبيض x أبيض

حشد المصادر أو الذكاء الجمعي

حشد المصادر مسألة باتت تشكل أهم جزئية لما يطلق عليه المصادر المجتمعية أو الشعبية، وهي عملية تقوم على أساس الاستفادة من عقول الناس و خبراتهم و البناء عليها بهدف الوصول إلى نتائج أفضل عبر الأفكار المجمعة، التي يطلق عليه (الذكاء الجمعي) ، وهي ممارسات شبيهة بعمليات العصف الذهني عندما يجتمع عدد من الأشخاص في مكان واحد بغرض الوصول إلى حل مشكلة معينة. هذا الأسلوب هو نتاج مواقع التواصل الاجتماعي، و كيفية الاستفادة و توظيف مزايا هذه المواقع للحصول على أكبر كمية من المعلومات و بشكل متسارع ، يأتي ذلك من خلال زيادة التواصل بين الناس، فكلما زاد التواصل بين الناس زاد تأثيرهم على بعضهم البعض وهكذا. وبسبب هذا التطور و التدفق الإعلامي أصبحت الصحافة تحاول جاهدة وبشكل متسارع البحث عن طرق مبتكرة للاستفادة من هذا الزخم الذي عززته التكنولوجيا وهو ما صار يعرف بالصحافة التشاركية و صحافة المواطن و المحتوى المولّد من المستخدمين .. الخ. كل ذلك يدخل ضمن سياسة حشد المصادر. يقول «دان غليمور» في كتابه )نحن و الصحافة( إن القراء و المشاهدين أو المستمعين يعرفون بشكل جماعي أكثر مما يعرف محترفو وسائل الإعلام، و بالتالي ينبغي أن تستفيد صناعة الأخبار من خبراتهم، و بسبب توسع قاعدة البيانات وتعقيد المعلومات أكثر فأكثر سيحتاج الصحفيون المحترفون إلى المزيد من التعاون مع الصحفيين «المواطنين» لتحقيق أداء أفضل وسط تعقيد الأخبار وتسارعها. فمنذ أوائل التسعينيات نمت فكرة إعلام المواطن أو إشراك المواطنين في جمع الأخبار، فعلى سبيل المثال كانت أحداث 11 سبتمبر 2001 ، مرحلة مهمة في دفع المؤسسات الإعلامية لاستخدام مقاطع فيديو صورها مواطنون لاصطدام إحدى الطائرات ببرجي التجارة العالمي، رغم ما أحدثته هذه المصادر من نقلة نوعية في بنية القصة الخبرية، إلا أن هناك إشكالية المصداقية في ظل الكم الهائل من الأخبار ذات المصادر المجهولة. وهناك من يرى أن عدم إتاحة المعلومات بشكل سريع على وسائل الإعلام التقليدية تسبب في اعتماد ملايين المتابعين و المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار، ومن المؤكد أن معظم تلك المعلومات تكون زائفة أو مضللة، وفيما يتعلق بالمصادر الشعبية أمام وسائل الإعلام ثلاثة مسارات هي : مصادر داخلية- داخل المؤسسة الصحفية ومصادر خارجية- وكالات الأنباء الخارجية، وحشد المصادر، يتمثل في الأشخاص بوجه عام. لذلك فإن أية مؤسسة إعلامية تعمل دون مبدأ الأخذ بعين الاعتبار أهمية الأفكار التي يمكن جمعها من المكونات الخارجية فإنها تخاطر وتضيع خاصية النمو و التسريع من وتيرة عملها، وهذا بدوره يطرح هاجس التحقق من مصداقية المعلومات الكبيرة التي تنتجها المصادر الشعبية، فمصادر الأخبار وطرق وآليات تحصيلها تشكل عنصرا مهما للمؤسسات الإعلامية منذ البدايات الأولى للعمل الإعلامي وتزداد أهميتها مع التسارع الكبير لتقنيات الاتصال وما أفرزته مواقع التواصل الاجتماعي. يبدو أن مصادر الحصول على الأخبار تسير بوثيرة شبيهة بقوانين مكافحة الجرائم! فكلما تطورت الجريمة يضطر رجال القانون إلى تطوير منظومتهم التشريعية أيضا.

■ الدكتور : عابدين الشريف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى