مقالات

في المنظار ..

ويتكرر السؤال .. إلى متى؟

كثيرة هي الندوات وورش العمل المحلية، وحتى المشاركات الرسمية في المؤتمرات والقمم التي تعني بالتنمية وارتباطها بالتقنية كرافد اساسي لها . كل هذا الجهد النظري غايته تحقيق استقرار ديمغرافي، وخفض معدلات الفقر، وتوفير ظروف معيشة مناسبة في المناطق النائية. وكل هذه الطموحات ترتكز بالدرجة الأولى على عنصرين، هما التنمية البشرية، والاستثمار في المنتجات المحلية، خاصة الزراعية منها . ولتحقيق هذه الغايات تنصب مخرجات القمم والتوصيات الأممية على أهمية التعاون الثنائي والإقليمي، وحتى القاري، عبر المزج بين إمكانيات كل قطر مع إمكانيات قطر آخر أو أكثر، بغية الوصول إلى تنمية مشتركة . وتأتي الصناعات الصغرى والمتوسطة، وحتى المتناهية الصغر ضمن الأدوات اللازمة لتحقيق ولو الحد الأدنى من مخرجات هذه القمم والتوصيات والمقررات الدولية، كخطوة أولى لبلوغ الأهداف. إلا أنه في الغالب تكون ادراج المكاتب مكانا لهذه المخرجات، مع انها مخرجات عملية وقابلة للتنفيذ، ولا توجد اسباب جوهرية تمنع تنفيذها سوى البيروقراطية، وسوء التخطيط . وبالنظر للتكدس البشرى في رقع جغرافية معينة من الأرض الليبية الحبلى بالعديد من الثروات الزراعية والمعدنية، والتي تزيد مساحتها عن الثلاثة ملايين ونصف كيلو متر مربع ، خاصة في مدينتي طرابلس وبنغازي، نجد أن الحالة الليبية ليست استثناء، بل ربما تكون على رأس البلدان التي ترمي هذه الغايات التنموية وراء ظهرها، استنادا إلى الحالة الريعية التي يتسم بها الاقتصاد الوطني من جهة، وإلى الوضع السياسي غير المستقر من جهة ثانية. يحدث هذا بعد ان نفض القطاع العام يده من حيث التنفيذ من أغلب المشاريع التنموية، ليتولى القطاع الخاص زمام الأمر، لكن المحصلة حتى اللحظة تكاد تكون صفرية، رغم مرور أكثر من أربعة عشر عاما على تحرير الاقتصاد الليبي، ذلك لأن المؤسسات التي يقع على عاتقها توفير الظروف والبيئة المناسبة لانطلاق كافة المبادرات من عقالها، لم تحسن التخطيط ولا التنفيذ ولا حتى التحفيز . فوزارة الزراعة التي يقع على عاتقها استثمار الممكن في المناطق الصالحة للزراعة، خاصة بمناطق الجنوب، عاجزة حتى عن تحصين الثروة الحيوانية من الحمى القلاعية واللسان الأزرق، أو رعاية وتنظيم حملة استراتيجية لزراعة كم من الأشجار سنويا للحد من مظاهر التصحر، ووزارة الصناعة التي تحاول حلحلة هذا الملف، هي الأخرى مازالت تتخبط في كيفية معالجة تركة القطاع العام من مصانع وشركات صناعية، وباقي الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، بما فيها المؤسسات التعليمية التطبيقية والتقنية هي الأخرى ليست استثناء . فمتى يصلح العطار ما أفسده سوء القرار؟

■ إدريس أبوالقاسم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى