العنف ليس وليد الدين فحسب وإنما هو بالأساس وليد البنية الاجتماعية التي تفرض هيمنة طبقة على طبقة أخرى، أو فئة عرقية وثقافية واجتماعية على فئةٍ مختلفة عنها، فالعنف لا يحتاج إلى نص يبرره قدر حاجته إلى واقع ينتجه. العنف صفة ملازمة للإنسان وجزء أصيل منه، عندما يغيب القانون في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول التي نعتبرها متقدمة عنا نرى الهمج والفوضى واستخدام مالا يخطر على بال في الشوارع واقتحام للمح ات وسرقتها والشواهد كثيرة. وبتفسير علم النفس الاجتماعي فإنك عندما تميز نفسك حسب المعتقد أو حسب الجنسية أو حسب التقاليد، فإن ذلك يولد العنف ويغذيه لدى الطرف الآخر ويجعله ناراً تحت الرماد تنتظر أول ريح لتشتعل وتحرق الأخضر واليابس، والإنسان الذي يسعى إلى فهم العنف ينبغي ألا ينتمي إلى أي بلد ولا إلى أي دين ولا إلى أي حزب سياسي، ولا إلى نظام جزئي أو فئوي، بل يعمل بمفهوم كلي للجنس البشري، ويتعامل مع الأمر كظاهرة يجب معالجتها وحالة ينبغي التصدي لها وليس مجرد تفسير لحراك انتشر داخل المجتمعات وتمددت بين الدول. (التعصب لم يكن وليد الدين لكنه زاد من وتيرة العنف)، نبدأها بجملة انتشر الإس ام بحد السيف، وتجاهل من روّج لهذه المقولة أن الشعوب التي دخلت الدين الإسلامي واعتنقت مبادئه عن طريق التجار والمبشرين المسلمين أكثر بكثير من تلك التي تم فتح بلدانها والسيطرة عليها بالقوة. نستطيع القول أن هذه المجتمعات كان بإمكانها الخروج من الدين وإنكار نبيه بمجرد انتهاء الاحت ال وخروج جيوش المسلمين من أراضيها. الدين بريء من العنف وبريء ممن يوظفونه في هذا الاتجاه لغايات في أنفسهم على غير مراد الله، فالعنف أحيانا يكون مأموراً به بل يجب فعله كقتل القاتل وقطع يد السارق ورد الصائل كعقوبة رادعة وليس لتمرير فكرة أو فرض رأي.