أجاز القانون لسلطة التحقيق أن تضع يدها على جميع الأشياء المتعلقة بالجريمة والتي تفيد في كشف الحقيقة عنها وبمرتكبها , وذلك بالنسبة لأشياء المادية كالأوراق والأسلحة والآلات ل والرسائل والخطابات والمطبوعات والطرود والبرقيات . أما الأشياء المعنوية فيتم مراقبتها كالمحادثات التليفونية , وذلك ما نصت عليه المادة (79إج . ج) بقولها : لقاضي التحقيق أن يضبط لدى مكاتب البريد كافة الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود , ولدى مكاتب التلغرافات كافة البرقيات , كما يجوز له مراقبة المحادثات التليفونية متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة . أيضا ما ورد بالمادة (75/2إج . ج) : للمحقق أن يفتش أي مكان ويضبط فيه الأوراق والأسلحة والآلات وكل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عتها أو وقعت عليه وكل ما يفيد في كشف الحقيقة . حرصا من المشرع على كفالة حرية الدفاع عن المتهم بينت المادة (80إج . ج) أنه : لا يجوز لقاضي التحقيق أن يضبط لدى المدافع عن المتهم أو الخبير الاستشاري الأوراق والمستندات التي سلمها المتهم له لأداء المهمة التي عهد إليها له ولا المراسلات المتبادلة بينهما في القضية . فالمراسلات بعمومها (رسائل – محادثات) التي تدور بين المتهم ومحاميه أو خبيره الاستشاري لا يجوز ضبطها لغاية كفالة حرية الدفاع . وحفظا للسرية يطلع قاضي التحقيق وحده على الخطابات والرسائل والأوراق المضبوطة على أن يتم هذا إن أمكن بحضور المتهم والحائز لها والمرسلة إليه وبدون ملاحظاتهم عليها . وله عند الضرورة أن يكلف أحد أعضاء النيابة العامة لفرز الأوراق المذكورة وله بحسب ما يظهر من الفحص أن يأمر بضم تلك الأوراق إلى ملف القضية أو بردها إلى من كان حائزا لها أو إلى المرسلة إليه (م81 إج . ج) . وتبلغ الخطابات والبرقيات المضبوطة إلى المتهم أو الشخص المرسلة إليه , وتعطى إليه صورة منها في أقرب وقت إلا إذا كان في ذلك أضرار بسير التحقيق . ولكل شخص يدعي حقا في الأشياء المضبوطة أن يطلب من قاضي التحقيق تسليمها إليه . وله في حالة الرفض أن يتظلم أمام رئيس المحكمة الابتدائية (م84 إج .ج) . قد تكون بعض الأشياء التي يرى قاضي التحقيق ضبطها أو الاطلاع عليها في حيازة الغير , لذلك تنص المادة (83إج .ج) على أن : لقاضي التحقيق أن يأمر الحائز لشيء يرى ضبطه أو الاطلاع عليه بتقديمه . ويسري حكم المادة (257إج .ج) على من يخالف ذلك الأمر, إلا إذا كان في حالة من الاحوال التي يخوله القانون فيها الامتناع عن الشهادة . جدير بالذكر؛ لقاضي التحقيق وغرفة الاتهام سلطة اوسع من سلطة النيابة العامة في بعض حالات الضبط , فهاته الأخيرة طبقا للمادة (180إج . ج) لا يجوز لها القيام بضبط الخطابات والرسائل في الحالة المشار إليها في المادة (79إج . ج) إلا بناء على إذن من القاضي الجزئي الذي له الحرية في الأمر بهذا الإجراء أو رفضه حسبما يرى دون أن يخلع عليه القانون ولاية القيام بالإجراء موضوع الأمر بنفسه. يجب إذا ما تم ضبط الأشياء وفقا للقواعد المبينة أعلاه وضعها في حرز مغلق وتربط كلما أمكن ويختم عليها ويكتب على شريط داخل الختم تاريخ المحضر المحرر بضبط تلك الأشياء ويشار إلى الموضوع الذي حصل الضبط من أجله (م44إج . ج) . يتم التصرف في هذه الأشياء المضبوطة ولو قبل صدور الحكم إذا لم تكن لازمة للسير في الدعوى أو محلا للمصادرة , وذلك بالأمر بردها (م85 إج . ج) . على أن يصدر الأمر بالرد من النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام أو المحكمة المختصة (م87 إج . ج). يكون رد الأشياء المضبوطة إلى من كانت في حيازته وقت ضبطها , وإذا كانت المضبوطات من الأشياء التي وقعت عليها الجريمة أو المتحصلة منها يكون ردها إلى من فقد حيازتها بالجريمة , ما لم يكن من ضبطت معه حق في حبسها بمقتضى القانون (م 86 إج . ج) . لا يمنع الأمر بالرد ذوي الشأن من المطالبة أمام المحاكم المدنية بما لهم من حقوق , وإنما لا يجوز ذلك للمتهم أو المدعي بالحقوق المدنية إذا كان الأمر بالرد قد صدر من المحكمة بناء على طلب ايهما في مواجهة اخر (88إج .ج) . يؤمر بالرد ولو من غير طلب , ولا يجوز للنيابة العامة ولا لقاضي التحقيق الأمر بالرد عند المنازعة , ويرفع الأمر في هذه الحالة أو في حالة وجود شك في من له الحق في تسلم الشيء إلى غرفة الاتهام لتأمر بما تراه أو بإحالة الخصوم للمحكمة المدنية إذا رأت موجبا لذلك , وفي هذه الحالة يجوز وضع الأشياء المضبوطة تحت الحراسة أو اتخاذ وسائل تحفظية أخرى نحوها (م89 إج . ج) . يجب عند صدور أمر بالحفظ أو بألا وجه لإقامة الدعوى أن يفصل في كيفية التصرف في الأشياء المضبوطة إذا لم يكن قد تم ذلك من قبل . وكذلك الحال عند الحكم في الدعوى إذا حصلت المطالبة بالرد أمام المحكمة (م 90إج . ج) . أما الأشياء المضبوطة التي لا يطلبها أصحابها في ميعاد ثلاث سنوات من تاريخ انتهاء الدعوى تصبح ملكا للحكومة بغير حاجة إلى حكم يصدر بذلك (م91إج ,ج) . وإذا كان الشيء المضبوط يتلف بمرور الزمن أو يستلزم حفظه نفقات تستغرق قيمته , جاز أن يؤمر ببيعه بطريق المزاد العام متى سمحت بذلك مقتضيات التحقيق , وفي هذه الحالة يكون لصاحب الحق فيه أن يطالب في الميعاد المبين في المادة السابقة بالثمن الذي بيع به (م92إج . ج) .
■ الدكتور : مسعود عيسى العزابي