مقالات

عزف منفرد

للتصفيق فقط ..

عندما يدعو الأمين العام للأمم المتحدة من فوق منبر الجمعية العامة إلى إيجاد عالمٍ بلا أسلحة نووية هل هو يقصد ذلك فعلاً ويعني ما يقول تماماً؟ أم أنه يضحك علينا ويستخف بعقولنا؟ أو ربما يسجل موقفا أمام الرأي العام العالمي يعيد من خلاله إلى الأذهان الرسالة الحقيقية لهذه المنظومة كما يشير ميثاقها، وليس رفع أيدي أعضاء مجلس الأمن في كل مرة بالموافقة على تدمير الدول وتهجير الشعوب والتلاعب بمستقبل الأرض؟! … الأمين العام أعطانا إيحاءً من خلال كلمته على هذا المنبر الأهم في العالم بأنه يخاطب حشدا من التائبين الذين حضروا ليستمعوا إلى قداس يتلوه عليهم هذا الكاثوليكي المؤمن بصدق اعترافاتهم أمامه ، والواثق من قدرته على الصفح عنهم، والاّ كيف له أن يدعو إلى مثل هذا الأمر الذي يرى مالكوه بأنه وسيلة الردع الوحيدة لأطماع الأعداء، وأداة التوازن الدولي التي لا غنى عنها في عالم اليوم . نحتاج بالفعل لتوضيح سريع من السيد )غوتيرش( يبرر فيه هذه الدعوة، ويفسر من خلاله ملابساتها، والأهم أن يشرح لنا الآمال التي يعلقها على الاستجابة الدولية لدعوته المضحكة، والآلية التي سيتم استخدامها لتحويل هذه الدعوة إلى واقع ملموس وحقيقة مؤكدة، أما استغلال منبر الأمم المتحدة لتسويق الأمنيات، والإتجار بأحلام الضعفاء، والتعامل معهم بأسلوب التنويم في انتظار لحظة الحقيقة فهذا لم يعد ينطلي على أحد، ولا يجدي لتخدير الشعوب أو تضليلها. فالعالم الذي نراه اليوم ونعيش كوارثه وأزماته صرنا ندرك تمام الإدراك بأنه تحول إلى غابة كبيرة ينهش فيها الأقوياء لحوم الضعفاء، ويتعاطون مع شعوب الأرض كنكرات ليس عليها إلا السمع والطاعة وطأطأة الرؤوس كلما صدرت الأوامر من القوى العظمى التي امتلكت كل شيء على سطح الأرض بالرغم من أننا نعتبر أنفسنا شركاء في هذا العالم وأصحاب حق في مقدراته. الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة بدل أن تكون فرصة لمراجعة ما أنجزته البشرية لصالح أبنائها وما حققته لأجل تقدمهم وازدهار حياتهم تحولت إلى (سوق عكاظ) عالمي ينفس فيه الضعفاء عن معاناتهم ويكذب فيه الأقوياء على رعيتهم، ويستعرض كل طرف إنجازاته الوهمية التي يدرك الجميع بأنها مجرد حبر على ورق رغم أنهم يصفقون لها طويلاً. الأمم المتحدة التي نشأت ذات عام كنتيجة لما أسفرت عنه الحرب العالمية الثانية تحتاج الآن وبعد ثمانين عاماً من إنشائها إلى مراجعة شاملة وإعادة هيكلة تنظر بعين الإعتبار لكل ما شهده العالم من تغيرات وتطورات على مدى ثمانية عقود غيرت وجه الأرض وبدلت تضاريسها .

■ خالد الديب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى