كلنا جميعاً في سفينة واحدة بكل مافينا من عيوب ومزايا واختلاف أمزجتنا وأشكالنا وسلوكياتناوحتى أخلاقنا وتصرفاتنا سواء كنا كباراً أو صغاراً شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً .. جبلاً وساحلاً أريافاً وقرًى ومدناً وقبائل وأعياناً وشرطة وجيشاً وشركات ومدارس وجامعات، وكل مافينا وعلينا كبرنا صغرنا متعلمين وأميين اختلفنا تخاصمنا .. كلنا في سفينة واحدة والكل يرى من وجهة نظره وفكره أنه مسئول على قيادة السفينة لتصل وتستقر إلى بر الأمان .. وهذا التشبث والإصرار بكل قوة حتى ولو لم يكن في الاتجاه الصحيح لتصل السفينة إلى الوجهة الحقيقية وتستقر في الموقع والمكان الذي يليق بها وتكون في أمان فإن هذه المشكلة التي لايمكن أن يكون لها حل إذا كان الكل يريد أن يقود والكل متشبث بالرأي ولايقبل الحياد عنه متجاهلاً أصوات الناس التي تنادي بأعلى صوتها السفينة ستغرق والكل سوف يضيعون في أمواج تتقاذفهم من كل مكان . الركاب متذمرون من طول الانتظار للوصول إلى بر الأمان والسفينة لم تجد الربان الذي يقودها في الاتجاه الصحيح ويرسم لها خط الوصول برؤية فيها الكفاءة والخبرة ووفق قاعدة وأُسس الإبحار لتبدأ مرحلة الانتقال إلى البناء والإعمار، وقد وصل الناس بأمان وتناسوا أمواج الرعب وخطورة المواقف التي مرت بهم وهي تصارع الضربات العاتية، وقد تغلبت عليها بقيادة رأس حكيم وبحارة أكفاء استطاعوا بمهارة الوصول إلى غاية وراحة وأمان كل الركاب ولكن هنا المعضلة؛ عندما يكون كل الركاب هم الرياس والكل يرى في نفسه القدرة والشجاعة على القيادة وهم لا قدرة ولاكفاءة ولاخبرة لهم وغير أهل لها فسوف تزداد الرحلة في تعب وقلق وصعوبة ولن تكون في أمان لأن الكل يجذف ضد التيار والكل يرى في نفسه أنه القائد القادر والكل يجب أن يستمعوا إلى مايقول ولايخالفونه الرأي، وهذا ماجعل السفينة لاتزال تتقاذفها الأمواج في بحر من الظلمات تأتيها من كل مكان .. لا الركاب فرحوا بالرحلة ولا استطاعوا الوصول إلى المكان الذي أحبوه وتمنوا أن يصلوا إليه .. لأن المشتركين في خدمة وقيادة واتجاه السفينة لم يعطوا القيادة لرايس واحد متفقون عليه جميعاً ليقود بفكر مستنير، ولاتزال السفينة بين الأمل واليأس حتى الوصول إلى بر الأمان فهي لا استطاعت الاستقرار ولا كانت لها القدرة على الوصول؛ ما أن تستقر قليلاً ويتنفس الركاب الصعداء إلا وتأتيهم موجة أخرى لتبدأ رحلة المشقة من جديد والبحث عن منقذ يقود هذه السفينة إلى بر الأمان لتصل الناس إلى طموحات وأمان تتمنى أن تصل إليها لتعيش الاستقرار والعيش في سلام وفي وطن دافعوا عنه بالغالي والنفيس .
■ عبد الله خويلد