الثلاثاءا لمباني الحكومية بالدواخل .. الواقع والآفاق
في بعض مناطق الدواخل وخلال ترددي على المقرات الحكومية أو مباني العديد من المؤسسات الخدمية لا أجد أي لمسة تطوير تتناسب مع القفزة النوعية التي شهدتها الخدمات اليومية المقدمة للمواطن، ولكن كل ما نجده مقرات عادة ما تكون صممت في الأساس ونفذت بطريقة عشوائية وكأن الهدف هو الانتهاء من تنفيذها على أية صورة حتى وإن كانت لا تستجيب لضرورات الجهة التي تشغلها . أغلب مناطق الدواخل وفي مستوى خدماتها الأعلى ؛ بلديات مستحدثة .. أو مدن أو قرى بها بعض مقرات الخدمات تعاني من هلهلة المباني وضيقها وافتقادها للتصميم الحديث الذي يواكب طبيعة خدماتها وقدرتها على استيعاب أعداد المترددين عليها في ظل ظروف مريحة، فالموظف الذي يقضي كحد أدنى ثماني ساعات من العمل اليومي المتواصل أول ما يحتاجه مقرا مناسبا يحتوي على مكاتب متعددة ومرافق أخرى تجعل منه مقرا مناسبا وصالحا لتقديم خدماته للمترددين عليه ..كثير من الموظفين يشكون من عدم ملاءمة مقرات عملهم لطبيعة تخصصهم مما يؤثر على نفسيتهم ويجعلهم يتحينون الفرص لمغادرة مقار عملهم نتيجة لضيق المكان وتكدس عدد من الموظفين بمكتب واحد لا يتناسب على الإطلاق مع متطلبات العمل اليومي. نحن نحتاج إلى تطوير مباني المؤسسات الحكومية والخدمية بالدواخل بما يتماشى مع متطلبات العصر وضروراته وتنوع التخصصات الإدارية والخدمية ويأتي من ضمن شروط هذا التطور الاهتمام بالمباني الحكومية والمقرات الإدارية والخدمية التي كثيرا ما نجدها الآن بالدواخل عبارة عن مبنى صغير الحجم ضيق الحجرات تعوزه التهوية الجيدة والإضاءة المناسبة الأمر الذي يجعل الموظف عازفا عن العمل ومتكاسلا في أداء واجبه وهو ما يؤثر بالضرورة على الخدمات المقدمة للمواطنين؛ أغلب المقرات الحكومية والخدمية بالدواخل لم تنشأ في الأساس من أجل الجهة التي تشغلها؛ بل مرفق تابع لجهة اخرى يتم تحويره بعجالة لتشغله جهة حكومية أو خدمية كأن تجد مكتب السجل المدني يشغل مبنى بني أساسا ليكون مركزا ثقافيا. ذات يوم دخلت إلى فرع أحد المصارف فوجدته عبارة عن صالة ضيقة تطل عليها شبابيك العمل المصرفي المختلفة؛ كان الجو بالداخل خانقا نتيجة لارتفاع الحرارة بالخارج ..والزحمة شديدة والناس متراصة في حيز محدود المساحة، والعرق يسيح من الجباه، وكان حينها كابوس الكورونا مازال يمسك بخناق تلك الفترة التي كان فيها الجميع يخشى العدوى بهذا الوباء .. هذا المصرف الذي يتبعه هذا الفرع قال عنه أحد الكتاب العرب إن أرباحه السنوية تفوق ارباح كل مصارف بلده مجتمعة ..والسؤال لماذا لا يخصص هذا المصرف جزءا من أرباحه لإنشاء مقرات مناسبة لفروعه بالدواخل .. مثلا فرع المصرف ببلدية الحوامد يشغل حاليا مبنى أنشأ اساسا ليكون مقرا للخدمات البيطرية فيما يحتل مكتب السجل المدني مبنى أسس ليكون مركزا ثقافيا .. أما مكتب الخدمات الزراعية خصص له مبنى أنشأه المواطنون بجهودهم الذاتية ليكون مقرا للجمعية الاستهلاكية ..وهكذا بقية الجهات الخدمية والحكومية بالمناطق المجاورة. إن الخدمات التي تقدم للمواطن لا يمكن أن يحدث بها أي تغيير إيجابي ما لم يتم تطوير المباني المخصصة لها لتتناسب مع مستوى وطبيعة الخدمات التي تقدمها للمواطنين؛ أما بقائها على هذا الحال فإنها لا تعطي سوى انطباعا بقصور أدائها لوظيفتها التي أنشئت من أجلها . المبنى الحكومي أو الخدمي لا يمكن أن يكون مناسبا لموظفيه أو المترددين عليه ما لم يكن قد انشأ من الأساس بمواصفات تراعي جوهر الخدمات التي يقدمها ووظائف تخصصه وبما يتيح لموظفيه من وسائل الراحة والحركة المرنة بين مكاتبه وممراته وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على أداء الموظفين وحماسهم للعمل ..فالتهوية مطلوبة ونوافذ مشرعة على الهواء الطلق ضرورية، ومراعاة طقس المنطقة وظروفها المناخية عند التنفيذ حاجة لا بد من مراعاتها .. ومرافق متكاملة توفر عامل الاستقرار للموظفين أحد الأسس التي يجب الانتباه إليها عند التصميم والتنفيذ وبما يراعي الكثافة السكانية لكل منطقة تنفذ بها هذه المباني . وأتساءل هل آن الأوان لرؤية عصرية لمقرات الجهات الحكومية والمؤسسات الخدمية ؟ أم إننا سنستمر في التعامل اليومي مع هذه المباني التي تضيق بموظفيها وأعداد المترددين عليها طلبا لقضاء حاجة أو الحصول على خدمة في ظروف مناسبة للجميع ؟
■ عبدالله مسعود ارحومة