مقالات

للأهمية ..

لم يتغير شيء !

وضع العالم أقدامه على عتبات عقد الستينات من القرن الماضي، بنكهة الحضور القوي لروح التحرر والتخلص من ربقة الاستعمار ، وكان الصوت القوي للراحل “جمال عبد الناصر”، الذي طرق الأسماع في مثل هذا اليوم (23 يوليو 1952)، يجد صداه فيما بين أقاصي آسيا، وأطراف أميركا اللا تينية، ناهيك عن قارة إفريقيا التي عدته من أبطالها العظام. كانت المقاربة، حينذاك، أن شعوب تلك القارات إنما تطحن ضلوعها تحت ثقل أضلاع مثلث المرض والجهل والتخلف بسبب استعمار الرجل الأبيض، الذي اكتسح جنبات الأرض مسلحا ، حتى أسنانه، بمنجزات الثورة الصناعية في أوربا، وإن بدا لا يكف عن تحريك لسانه بأسفار الأناجيل. ولا خلاف، أو اختلاف على مركزية الدور الذي لعبه المستعمر، وما يزال، في افقار مستعمراته بطول العالم وعرضه، لحساب غناه ورفاهية شعوبه، ولا عذر لتعامله مع شعوبها بنظرة دونية تصل حد اعتبارها لا تصلح لحكم نفسها، أو أن تتحكم بمصائرها، ولكن، وبالمقابل، أيضا، هل من عذر للذين حكموا بلدانهم عقب انحسار موجة الاستعمار ، وعزف الأناشيد الوطنية برفع رايات الاستقلال، أن لم يجيدوا عن ذات الرؤيا والمنهج، وحافظوا على ذات السياسات التي جعلت من مثلث التبعية والعار، ذاك، وكأنه القدر الذي حكم بذلك، لا العقول والأفكار، وحتى أولئك الذين تحلوا بالنوايا الطيبة، لم يكلف ، معظمهم، أنفسهم عناء إيقاد الشموع، مستمرئين نغمة لعن الظلام . بحسب تقرير وضعته منظمة اليونسكو، مطالع الستينات ، فإن مشاكل (الشعوب النامية في العالم) تتلخص فيما يلي = ومن دون ترتيب . انخفاض مستوى المعيشة. = انخفاض مستوى الثقافة . = الافتقار للأيديولوجية . = العجز عن مجاراة التقدم الحضاري والتكنولوجي ، = الارتباط القبلي . = سوء العادات الاجتماعية والافتقار للمواهب. لقد نشر ذلك الكاتب الراحل ، الصادق النيهوم، في مقالة شهيرة له عام 1968، باعتبارها ما يعانيه الليبيون ، أيضا، من مشكلات ، كونهم من ذات (الشعوب النامية)، فما الذي تغير بعد أكثر من نصف قرن من ذلك التاريخ ؟. أشقاؤنا المصريون هدتهم مقاربتهم للنهضة، لإنشاء السد العالي ، وهو إنجاز بديع ، ولكن توليد ما يكفي من الكهرباء ، اليوم، في ” أم الدنيا”مرتهن للغاز الإسرائيلي، وأشقاؤنا الجزائريون تعلقوا بالتصنيع الثقيل، ولكنهم ذهبوا حتى أصقاع اسكندنافيا لسد العجز في إنتاج (البطاطا)، أما في ليبيا فإن تعاقب عشرات وزارات الصناعة، ورفل معظمها تحت مقولة (لاحرية لشعب يأكل من وراء حدوده)، لم يسهم ولو بالنذر القليل، حتى في تقليل عدد الشاحنات المحملة ، يوميا ، بأطنان فوارغ عبوات الورق المقوى (الكرتون) التي التهمنا حشواتها من المعلبات، وصارت في طريقها لإعادة التصنيع بالخارج، ولعمرك فإن كثيرا منها يعود إلينا في شكل كراسات تتصدر أغلفتها عبارة (العلم نور).

■ بشير بلاعو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى