مقالات

للأهمية ..

ما الذي يمكن أن نقوله عن المصالحة ؟

ما الذي يمكن أن نقوله نحن عن المصالحة ؟؟ هل سنضيف جديدا لم يقله أحد من قبل أن سنعيد كلاما نعرفه ولكننا نتخطاه ونحفظه ولكننا نهرب منه ونزعم أننا نؤمن به ولكننا في الحقيقة نقلد أعداءنا ونتبع خطواتهم ودعاياتهم وشعاراتهم وخرافاتهم التي يغزلونها غزلا من حرير ليسيطروا بها على مصائر الشعوب وليسوقوها وراءهم بعد ان احتلوا فيها عقولها ؟؟ ماذا يمكن ان نقول من كلام جديد وحل فريد عن “المصالحة” ؟؟؟ أليس الرسول الكريم قدوة لنا بأمر الله وحكم الدين ؟؟ فإذا كان الرسول قدوة لنا كما نقول ونزعم فلماذا لا نقتدي به وبهديه وبسلوكه ؟؟ أليس سلوكه صلى الله عليه وسلم هديا ودرسا عمليا ينبغي وجوبا على كل مسلم الاقتداء به واتباع سنته وفعله وهديه العظيم ؟؟ رسولنا صلى الله عليه وسلم واجه المصاعب والمكاره من قومه .. ورأى من خبثهم وحقدهم وسخفهم ماتعجز الجبال عن حمله .. فلم يتركوا تهمة سخيفة لم يقولوها عنه حتى جعلوه ساحرا وشاعرا ورموه بالبهتان وانه يردد اساطير وتخاريف الأولين وجعلوه مخربا يخرب بين المرء وولده وبين الزوج وزوجته .. وهو صلى الله عليه أبعد الناس عن كل تهمة اوعيب، وإنما هو كما قال عنه خالقه وهو السميع العليم ” وإنك لعلى خلق عظيم ” وكان هو صلى الله عليه وسلم يؤكد أنه بعث “ليتمم مكارم الأخلاق ” فلماذا نترك نحن الرسول ونتجنب مكارم الأخلاق ونقول عن “المصالحة” مالم يفعله هو ولم يقله هو وليس من صفاته العظيمة الهادية الحكيمة ونحن نعرف جميعنا.. نعرف أن كفار قريش عذبوا أصحابه عذابا منكرا وشنيعا بل وقتلوا بعضهم في مشهد “إعدام ميداني” شنيع كما فعلوا بياسر وزوجته من أسرة آل ياسر الذين بشرهم الرسول الكريم بالجنة . ثم قرروا مقاطعته هو ومن تبعه ومن وقف معه كعمه أبي طالب فنفوهم نفيا شنيعا إلى “شعب ابي طالب” وهو مكان ضيق مجدب لا حياة فيه .. وقرروا حرمانهم من كل شيء فلا تتعامل معهم قريش في شيء ولا تسمح لهم بالتعامل معها حتى جاعوا وأوشكوا على الفناء جوعا و”عازة” وحزنا ووجعا ومرضا .. حتى تدخل بعض قريش حين عابت العرب عليهم فعلهم فقاموا بإرجاعهم إلى مكة ؛ ثم ناصبوه العداوة علنا وسلطوا عليه سفهاءهم وشعراءهم وأوباشهم يضايقونه بكل أنواع المضايقات السخيفة المزعجة .. حتى أجمعوا رأيهم على قتله فاختاروا من كل بطن فتى حتى يتفرق دمه بين قبائل قريش فلا يطلب بنوهاشم دمه من أحد .. يقول الله تعالى (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) فهم صمموا على قتله تصميما سجله القرآن في محكم آياته وقد لاحقوه حين علموا بهجرته ليقتلوه ولولا أن الله تعالى حال بينهم وبينه وحماه منهم لكانوا وجدوه وقتلوه .. ثم أعلنوا عليه الحروب في بدر وأحد وغيرها وكانوا يستهدفون عنقه بلا شك ولا خفاء .. ويوم الحديبية منعوه علنا من دخول مكة وهي مدينته ومرباه .. وحين فتح مكة منتصرا ودخلها سيدا .. قال لهم كلمته التاريخية : يامعشر قريش .. ماتظنون أني فاعل بكم ؟ فقالوا بلهجة المهزوم تحت طواحين الخوف وهم يعرفون ما قدموا له ؛ خيرا .. أخ كريم وابن أخ كريم .. وهنا كانت الصيحة التاريخية التي وعاها التاريخ وسجلها العقل ووقفت أمامها الدنيا وتحاشاها المنافقون وهم يتكلمون عن المصالحة بالعدالة الانتقالية وجبر الضرر إلخ .. كأن هدي محمد ليس ملزما لنا وكأن فعل محمد ليس واجبا علينا اتباعه قال صلى الله عليه وسلم وهو يمسح قلوبهم من نقصها وحقدها (أقول لكم ماقاله يوسف لإخوته .. لاتثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء) عفوا .. هل بقي شيء بعد هذا الهدي النبوي يقال عن المصالحة ؟

 

■ عمر رمضان اغنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى