مقالات

در مفصل

بين الرَّبابة والإمزاد (2)

يُستعمل في ليبيا من أنواع الربابه الشعبية في مناطق سُكنى الطوارق: غات ، غدامس ، أوباري و درج، آلة إمزاد أو أمظاد وتُنطق أحيانا ايمزاد، وتُصنع من نصف قرعه مُجفّفة ، مشدود على وجهها قطعة من الرق ، ومركب عليها عصى طويلة مقوّسة يُشدّ عليها وتر واحد ، تُعزف بقوس لاستخراج السلم الخُماسي الممُيز لموسيقا الطوارق في بلادنا ، وهذا السلم هو سباعي تغيب عنه درجتي الرابعة والسابعة ، فلو بدأناه من نغمة (دو) سيتكوّن مثلا من : دو – ري – مي – صو – لا ، فقط. وهكذا يتضح غياب الدرجة الرابعة ، وايضاً ستغيب الدرجة السابعة لو رغبنا في الصعود لأعلى . والربابة الشعبية المسُتعملة في الأقطار الشرقية يُصنع صندوقها المصوت بأشكال وخامات مختلفة ، ويمكنها إصدار الألحان الشعبية المتكونة من خمس نغمات متتالية فقط من بعض مقامات الموسيقا العربية مثل : رصد (راست) ، بياتي، صبا، سيكه، و حجاز . وقد يُركب على بعضها أكثر من وتر ، مما يمكنها من استخراج مقام موسيقي كامل ، وقد ارتبط استعمالها في كثير من الدول العربية بشاعر الربابة ، الرّاوي للسيّر والأقاصيص والملاحم التراثية الشعبية . ونعود الآن للإجابة على السؤال المطروح ، لماذا لم يستعمل الفنان الشعبي الليبي هذه الآلة على امتداد رقعة الوطن باستثناء مناطق مكون الطوارق قد يكون من أسباب ذلك : ضعف وخفوت صوت الربابه أو الامزاد ، مما جعل الفنان الشعبي يفضل استعمال المزامير بدلا منها لعلو صوتها ، ومقدرتها على الأداء في التجمعات الكبيرة بمصاحبة آلات الإيقاع الرقية في مختلف المناسبات . وأيضا لعدم انتشار ظاهرة الراوي الشعبي للسير والملاحم في بلادنا وانتشار الخرّاف الشعبي غير المصحوب بآلة موسيقية بدلا عنها ، وقد تكون هذه الآلة مُستعملة في مناطق أخرى من بلادنا في أزمان غابرة ، ولكنها انقرضت الآن كإنقراض آلة القنبري أو القمبري الشعبية، الذي يدلّ على استعمالها في بلادنا المثل الشعبي القائل : (لا يجي دف لا قمبري) … “وفوق كل ذي علم عليم” ، “وما أوتيتم من العلم إلا قليلا “، صدق الله العلي العظيم.

■ د. عبد الله مختار السِّباعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى