مقالات

في المنظار

ثروات مغضوب عليها !

تقول الأخبار ان إنتاج مزارع الكفرة من ثمار المانجو وفير جدا هذا الموسم والمواسم التي قبله؛ هي نتاج أشجارها التي تعد بالآلاف، تحمس لغرسها مزارعي المنطقة بعد ان نجحت هناك. كما تقول الأرقام ان سعر الكيلو جرام من هذه الفاكهة متدن جدا جراء الوفرة، حيث يتراوح مابن دينار وثلاثة دنانير. وفي مكان آخر من هذه الأرض المعطاءة، ذات الأخبار تقول ان إنتاج الطماطم في مزارع جالو واوجلة، بات يرمى كعلف للماشية جراء وفرته، وعدم وجود وسائل نقل وتصنيع لتصريفه. من جهته مصرف ليبيا المركزي ينشر كل شهر قائمة تتضمن مئات الشركات المتحصلة على اعتمادات بمئات الملاين من العملة الصعبة لاستيراد سلع متنوعة من الخارج. من جانب آخر، ماتشهده المدن الساحلية الكبرى من اكتظاظ سكاني كثيرا مانجده ضمن باقة آراء ومقترحات أهل الاقتصاد او من يدعون فهم دهاليزه، دون ان يتطرقوا لأسباب نزوج سكان المناطق الداخلية نحو مدن الشمال. وفي الشمال تحضن البد أطول ساحل ا على البحر المتوسط، لكن اهل الاختصاص لم يفكروا لحظة في الكيفية المثلى لاستغلال الثروة السمكية تصنيعا وتسويقا. كما لم يتطرق اهل الحل والربط إلى جدوى إقامة مصانع تضيف لهذه المنتجات قيمة مضافة، تسهم بشكل كبير في الاستقرار والتنمية المكانية بما توفره من فرص عمل. كذلك حال القطاع الخاص الذي لا يكف عن المطالبة بتسهيل الإجراءات المصرفية والجمركية، والذي يستورد معجون الطماطم المركز من كافة اصقاع الدنيا ويعلبه محليا مدعيا ان الإنتاج ليبي، كما يستورد عصائر المانجو المركزة التي يشكل القرع الأحمر نصفها، ليتم تعليبها بعد خلطها بالماء والسكر وتسويقها على أنها إنتاج ليبي، هو الآخر لا تهمه التنمية بقدر ما يهمه الربح الوفير والسهل الذي يجنيه من التجارة التي تقدم له التسهيلات على طبق من ذهب بحجة استحقاقات الأمن الغذائي. ولأن التخطيط في واد والقطاع الخاص في واد آخر والقطاع العام المتمثل في وزارات الزراعة، والاقتصاد، والصناعة، والمواصت ا يتفرج على هذه المشهدية المحزنة دون أن يحرك ساكنا، سيبقى طماطم جالو واوجلة علفا للمواشي، فيما سيلعن مزارعو الكفرة اليوم الذي فكروا فيه في زراعة أشجار المانجو، مثلما ستبقى تونة فيتنام وتايلاند الرديئة سيدة الموقف في السوق الليبي، وكأن هذه الثروات مغضوب عليها. .ولأن التخطيط بعيد عن معنى التخطيط، ستبقى مخرجات وتوصيات المنتديات والمؤتمرات والقمم المعنية بالتنمية المستدامة التي شاركت فيها ليبيا مجرد حبر على ورق .

■ إدريس أبو القاسم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى