مقالات

دراما ..

دكاكين الصرافة ولعنة الخمسين

مع إدراكنا ومعايشتنا للأزمة المستفحلة والتي طال مداها والمتمثلة في أزمة شح السيولة وعدم توفرها ومنذ سنوات في المصارف رغم إحالة المرتبات التي ينتظرها الليبيون والليبيات بشغف ولهفة كبيرة باعتبارهم يعتمدون في حياتهم اليومية في مصادرهم المادية على الوظيفة العامة .. أمام هذه الضائقة التي ألقت بظلالها وكدّرت صفو الحياة وتسببت ولاتزال في عديد النكسات والمصائب والمشاكل التي ليس لها عد وحصر في الأسر والعائلات الليبية لدرجة أنها وصلت إلى درجة الصفر ولم تعد تجدي معها الحلول الترقيعية و الإصلاحية فقد ولدت وخلقت دكاكين للصرافة بعد أن كانت تعد على أصابع اليد الواحدة في كل منطقة وأصبحت بقدرة قادر تتكاثر وطغت على محلات بيع الذهب والتي هي من كانت تقوم بهذه المهمة وبنسب قليلة وبسيطة . هذه الدكاكين أصبحت تنتعش وتتغدى على ما تتحصل عليه وتصطاده من استقطاعات نسب من المرتبات للمواطنين المتعارف عليه ولهذه الغاية صكت واخترعت مسمى (حرق الصكوك) على غرار مصطلح الأرض المحروقة حتى أدى الأمر إلى زحف المواطنين أفراداً و جماعات مضطرين وخائفين ومجبرين وليس مخيّرين نظراً إلى حالة اليأس و الإحباط التي نالوها من المصارف وهم يترددون عليها كل صباح دون الظفر بأي سقف من هذه السيولة الشبح عبر هذه القناة المالية المعهودة والتي بحكم تأسيسها وإنشائها لمصارف مهمتها الأولى والأخيرة هي إعطاء ومنح الزبائن مرتباتهم كمبالغ مالية مع كل نهاية أوبداية شهر . وكما قالوا مصائب قوم عند قوم فوائد فقد نصب أصحاب الدكاكين شباكهم بكل إتقان وجودة عالية وصارت الأموال المستقطعة تكتنز في خزائنهم وهي التي تتهاطل عليهم مدراراً ومن كل حدب وصوب وتمادوا في فرضهم لشروط استباحة الخصم يضعونها ويفرضونها كما يقررون ويرون دون نقاش ودون مراعاة لما نص عليه ديننا ولا مراعاة أي شفقة أو رحمة . نضرب مثال على ذلك : مواطن أحضر صكّا به قيمة 1000 دينار يرغب في حرقه كما يعبرعنه ويتم منحه وإعطاءه مقابله نقداً 900 أو 850 ديناراً فقط وهنا لا أرغب أن أتناول هذا الموضوع من الناحية الشرعية ومدى صحة أو بطلان هذا النوع من الاتجار والذي يعرفه ويدركه الجميع بأنه يقع في دائرة التعامل الربوي وما سلوك واضطرار المواطنين إلى السير في هذا النهج أو الطريق الذي يعود إلى قلة الحاجة وخاصة من الأعداد الكبيرة الذين لا يعتمدون على استخدام البطاقات المصرفية في تعاملاتهم اليومية عند التسوق مستندين في ذلك التبرير القائل : (الضرورات تبيح المحظورات) يجب أن نذكر أصحاب دكاكين الصرافة هي ليست غائبة عنهم . أن المصارف وهي التى عهد لها مسؤولية ومهمة منح آصحاب المعاشات فيما يعرف بالحساب الجاري مرتباتهم أنها تستقطع أو تفرض قيم استقطاع زهيدة كخصم بحكم اختصاصها ومهامها حتى أن صاحب المرتب أو الحساب لا يشعر بها ولاتمثل أي عبء على مرتبه فوجب هنا منهم طالما أرادوا ؟ بحار في ركوب أعالي أمواج الصرافة أن يتخدوا آلية خصم المصارف منهاجاً و أن يستفتوا أهل الدين و علماء الصيرفة الإسلامية بحيث لا يظلمون أنفسهم و لايظلمون الناس التي دفع بهم القدر إليهم فقد جاءوهم كما أسلفت محتاجين و مضطرين و سدت في وجوههم كافة السبل من أجل الحصول على أموالهم في المصارف والتي هي من تعينهم وتساعدهم على توفير الاحتياجات و الالتزامات اليومية لكافة أفراد الأسرة من مأكل ومشرب و ملبس وتسديد رسوم وعلاج ومواصلات وتعليم وحتى ما يتعلق بالأم و الطفل الشغل الشاغل للأزواج وخاصة الحديثين .. إن الرغبة و الجري واللهث أمام سباق من سيربح ويكتنز أكثر أموال عند أصحاب دكاكين الصرافة صار محموماً وفاق المتوقع وأصبح وسيلة جمع وتحصيل الثراء على حساب عرق وجهد المواطنين والذي نيعبرون من خلال تعرضهم لأعمال الكي بالحديد يومياً في كل عملية صرافة إلى امتعاضهم وعدم رضاهم بل تمادى الأمر إلى التمتمة ورفع الأيدي بدعاء الشر والهلاك وعظائم الأمور على هؤلاء التجار الذين استغلوا ضعفهم وحيلتهم وتحولوا إلى أباطرة وأثرياء بين عشية وضحاها أمام مرأى ومسمع الجميع دون أن يتدخل المصرف المركزي ويتخد حزمة من الاجراءات والخطوات العملية التي من شأنها إعادة الوضع السابق وذلك للالتجاء بتوفير السيولة عبر المصارف بكافة الوسائل والسبل التي يراها تقضي على هذه الظاهرة المقيتة الاستغلالية والتي ستقضي على الأخضر واليابس. اختم القول والتذكير بالآية الشارحة والوافية عن صحة وطهارة ونقاء التجارة يقول الله تعالى : ((يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم)) وتأملوا كثيراً في هذه الآية التي تحرم أكل الأموال بالباطل وتحث على أن تكون التجارة بالتراضي فهل من يعي ويتفهم هذه الأوامر .

* عمر التركي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى