لاتزال العلاقة بين الإعلام و الأخلاق محل لبس منذ عقود طويلة رغم شروع كليات الإعلام في تدريس مناهج أخلاقيات المهنة وحرص العديد من المؤسسات الإعلامية على وضع لوائح ليأخذ بها العاملون في هذه المؤسسات، غير أن اللغط الذي أحدثه التقدم التقني المتسارع للإنترنت و وسائل الاتصال زاد من الارباك و اصطدم بمفهوم الوعي الانساني و تنظيم سلوكيات الفرد داخل مجتمعه، وهذا يعيدنا إلى التفكير في منهج متكامل يوضح مسارات هذا المجال لنجد أمامنا أن الشريعة الإسامية تحوي منهجاً متكاماً ينظم هذا المجال على أدق المستويات . فالقرآن الكريم يحتوي على كل الأمور ذات العلاقة، وهو صالح لكل زمان ومكان و يضم العديد من المبادئ و الإرشادات التي يمكن اعتبارها مؤشرات إعلامية أو أسس تواصلية، وهذه المؤشرات لا تقتصر أهميتها على السياق الديني فقط، بل يمكن تطبيقها وتُعد قواعد أخلاقية عامة للتواصل الافعال و المسؤول و ما تحمله العديد من الآيات القرآنية من توجيهات و قيم تسهم في بناء الشخصية الإنسانية الفعالة وتحقق التعايش السلمي و التفاهم الكامل والعادل بن الناس . فعلى سبيل المثال يحث القرآن الكريم دائماً على الصدق و الأمانة في نقل المعلومات ، ففي سورة التوبة، الآية : 119 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِنَ) و في يسورة الأحزاب، الآية : 70 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللََّ وَقُولُوا قَوْ سَدِيدًا) . كما يحثنا على التحقق من المعلومات و يأمرنا بالتثبت من الأخبار لتجنب الضرر للناس وعدم التحيز ففي سورة الحجرات، الآية 6 : جاء قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِنَ) . هذه الآية تحض المؤمنن على التحقق من الأخبار و المعلومات التي يتلقونها قبل الإقدام على العمل بناء عليها، لتجنب إلالحاق الضرر بالآخرين نتيجة الجهل أو سوء الفهم ودائماً يؤكد الإسلام أهمية التثبت والعدل في التعامل مع المعلومات، كما نجد مبدأ التأكيد على العدل وعدم الجور حتى مع الخصوم وجاء في سورة النساء، الآية : 135 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِنَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ وَلَوْ على أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَ اقَْْرَبِنَ) .. إلى آخر الآية… يتبع
* الدكتور : عابدين الشريف
