مقالات

الوطننبض الحنين

لماذا الاستدراك بالأسف في خطابنا العربي ؟!

استمعت إلى مقابلة إذاعية في واحدة من المحطات العربية وقد شدني في تلك المقابلة كثرة ما ردده ضيف تلك المحطة من جملة (ولكن للأسف) … !لقد استوقفتني تلك الجملة من خال الحوار، مع ذلك الشخص الذي يبدو أنه كان مسؤولا من خال قوله : لقد عملنا كذا وكذا ، نتوقع كذا وكذا ، ولكن للأسف لم يحصل ما كنا نريده…! وبالنظر إلى هذه العبارة نجدها طافحة في خطابنا العربي بصورة واضحة ، فالموظف حينما يخاطبك ، لابد أن يلون كلماته بها محاولا إقناعك ،لأن ما طلبته غير ممكن. والتاجر حينما يريد أن يغريك ببضاعته لابد أن تكن كلمة للأسف حاضرة ، ولو في آخر كامه حينما يقول لك للأسف لهذه البضاعة كانت في الاسبوع الماضي بكذا ، قبل أن يتغير سعر الدولار ، رغم أنها رابضة في دكانه قبل ذلك بكثير …! والصديق الذي تاقيه صدفه يحاول أن ليلون عبارة عدم التواصل معك بالأسف من خال قوله ،كنت عازما المرور عل بيتك، ولكن للأسف لم أتمكن ،نتيجة التزامات معينة . والمعلم ح يبلغك بنتيجة نسلبية عن إمتحانك يغلفها بالأسف … فيقول كنت أتوقع نجاحك ولكن للأسف خاب ظني . ومن تطلب منه المساعدة وهو في غير مقدوره ،يجيبك حاولت مساعدك ولكن للأسف لم أتمكن من تلبية مطلبك … فما هي أسببات هذ الاستدراك المغلف بالأسف ؟ حاولت أن ابحث في دلالة هذه الكلمة التي حملوها أصحابها أكثر مما تطيق وبالنظر في معنى ودلالة كلمة (للأسف) فهي تعني التوجع والتحسر ..! . أما كلمة (لكن)، فهي أداة تفيد الاستدراك . إذن نحن أمام استدراك مغلف بالتحسر والتوجع في بعض من خطابنا العربي ..! فما سبب ذلك يا ترى ؟لعل السبب المباشر في هذا التحسر والتوجع عدم بلوغ الغاية ، في مامح الرؤيا لوالأهداف ، ومن ثم أنعكس في النتائج التي نتأسف لعدم بلوغها ، ويرجع ذلك لأسباب متداخلة نفسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ، وسياسية ،وانعكست نتائجها في الخطاب بصورة واضحة .إن وضوح الرؤية وبلوغ الغاية التي تنطلق من مفاهيم راسخة ،وأهداف نبيلة ، هي التي يتم بلورتها في عمل خالي من التسويف، وبعيد عن النتائج السلبية، من خال المثابرة والإخاص والصدق في المعاملة وعدم المجاملة كل ذلك كفيل أن يجنبنا التحسر والتوجع ، وعند ذلك فقط يمكن أن يصبح الخطاب يتوهج بالسرور بدل التأسف …وفي كل الأحوال تظل مسألة بلوغ الغاية أمر ليس جله بيد الإنسان…ما كل ما يتمنى المره يدركه … تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقانون الطبيعة للفرص الضائعة يؤكد ذلك ،وعلينا أن نتعلم منه فلأسد يسعى يومه من أجل الحصول على فريسته ،وقد لا يدركها فتضيع منه ،ولكن محاولاته لا تتوقف … ومياه الأمطار يضيع منها الكثير في البحار والمحيطات ولا يصل منها إلى الأرض إلا جزء .. وحبوب اللقاح لا تصل إلى أهدافها إلا القليل منها … وهكذا فالحياة طبيعتها صراع دائم من أجل بلوغ الغايات … وفرص ضائعة ،وانكسرت … رضاء ، وتأسف … قبول، وتعسف … فرح وبكاء … شح وسخاء … وكفاح مستمر من أجل البقاء .

■ الدكتور: خليفةالعتيري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى