يبدو أن الأيام القادمة ستحمل الكثير من المفاجآت والتغيرات في المواقف الدولية تجاه ما يحدث في غزة على يد آلة الحرب الصهيونية . فالمتابع للعدوان على غزة منذ البداية سيلاحظ أن وسائل الإعام الغربية سواء المأجورة المتصهينة أو المدعومة من حكومات ومؤسسات متحالفة مع الصهيونية العالمية وتعمل لصالحها لعبت الدور الأبرز منذ بدء العدوان، بل كانت هي وراء صناعة الشجاعة غير المسبوقة والتطاول اللامحدود وغير المعهود أيضا من قادة جيش الاحتال الصهيوني الذين ظلو لشهور يتصرفون بمبدأ (سأفعل ما أريد بمن أريد .. ولا أحد يكبح جماح آلتي الحربية) وهي تبيد وتجتث شعبا أعزلا من أرضه بكل عنجهية وصلف . قوة الضخ الإعلامي لتلك الوسائل التي جندت وسخرت لتمرير ما يريده الصهاينة وداعميهم للرأي العام الدولي منحتهم الجرأة وجعلتهم يخدعون العالم بشكل أوسع هذه المرة وأكثر تأثيرا، حيث قدمتهم للعالم وأقنعته بأنهم الضحايا والمعتدى عليهم، وصورت طوفان الأقصى كفعل عدواني وليس كردة فعل مشروعة على ما يتعرض له الفلسطينيون من قتل متواصل وتهجير واعتقال وتجويع وعزل وتدنيس وانتهاكات صارخة ومتكررة للمقدسات الإسامية بشكل استفزازي .. ولقد نجحت في البداية وسائل الإعام التقليدي المتصهن في ترسيخ صورة مغايرة لما يحدث في غزة لدى الرأي العام الدولي، بنيت عليها مواقف وقرارات سياسية دولية متعاطفة ومساندة للكيان المغتصب، ومعادية للضحايا أصحاب الحق، ولكن بعد وقوع أكثر من 40 ألف شهيد ومئات الآلاف من الجرحى والنازحن وتدمير وتجريف عشرات الأحياء السكنية وإزالتها من على الخارطة ووقوع أكثر من 2800 مجزرة ارتكبها الاحتال الهمجي منذ 8 أكتوبر 2023 م ، والتي فاقت في وحشيتها المحرقة النازية .. بعد كل ذلك وغيره وبعد دخول وسائل الإعام الجديدة للمعترك الإعلامي العالمي والمتمثلة في المواقع والصحف الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي التي كانت مصادر ووسائل فاعلة للتغطية البديلة، وسمحت للعالم أجمع بمشاهدة معاناة الشعب الفلسطيني اليومية التي حاول أن يخفيها الإعلام الغربي التقليدي .. فهذا موقع (إن بي آر) الأميركي يشير إلى إغراق (السوشيال ميديا) بفيديوهات وصور عنيفة للحرب، وعدم قدرة مسؤولي منصات التواصل على كبح جماح المحتوى العنيف رغم أن خوارزمياتها سبق وكانت فاعلة في حذفه في أحداث سابقة . هذه المرة تغلبت الحقيقة وانتصر الحق وأصحابه فخرج مئات الملايين من شعوب العالم بعد أن شاهدوا الألآف من الصور والفيديوهات المرعبة والتي كشفت الوجه البشع والمتوحش للكيان الصهيوني المغتصب، ونقلت الصورة الحقيقية لما يقوم به من أعمال بشعة بحق الشعب الفلسطيني من تنكيل وقتل وإبادة ممنهجة لشعب أعزل إلا من إرادته في التمسك بأرضه وموطنه . خرج مئات الملاين في العالم في مظاهرات رافضة للهمجية الإسرائيلية، ومطالبة بشدة وبصوت واحد بوقف إطاق النار، ووضع حد لهذه المهزلة . وما هذا الحراك الطلابي الذي عم الجامعات الأميركية والأوربية مؤخرا في الدول الداعمة خاصة والمساندة للكيان المحتلة . ونراه بدأ ينتقل لمختلف الدول والقارات .. ما هذا الحراك إلا مؤشر على هزيمة وسائل الإعام التقليدي أمام الإعام البديل من جهة، ومن جهة أخرى انتصار للحقيقة الفلسطينية هذه المرة رغم الثمن الباهظ الذي قدمه أبناء غزة العزة والصمود .
* الفيتوري الصادق