تعرف المصادر المالية والاقتصادية الدين العام لأي دولة بأنه «مجموع الديون التي تدين بها حكومة دولة للدائنين المحليين و الأجانب»، و تؤكد ذات المصادر أن الدين العام يتكون عادة من نوعين من الديون الأول : يمكن تسميته بالديون الداخلية والتي تشتمل على الأموال المقترضة من مصادر داخل البلاد ، والنوع الثاني : هو الديون الخارجية و تشتمل على الأموال المقترضة من مصادر خارج البلاد مثل البنك الدولي على سبيل المثال أو أحدى الدول، و تلجأ بعض الدول و خصوصاً التي توجد بها مشاكل وتعاني أزمات اقتصادية و عدم استقرار سياسي إلى الاستدانة و بالأخص من الجهات الخارجية، و غالباً يتم عادة استخدام و توظيف الدين العام لتمويل العجز المالي للموازنات الحكومية، أي عندما تكون النفقات الحكومية أكبر من الإيرادات المحلية في أي بلد ويأخذ الدين العام أشكالاً متعددة مثل : السندات الحكومية و القروض و ديون الخزانة العامة وكل ما شابه ذلك . ويرجع السبب الرئيسي لارتفاع الدين العام إلى الصرف المفرط والغير مدروس وغير المخطط بدقة، إضافة إلى الاقتراض المفرط من الداخل أو الخارج وبدون أية خطط و دراسات من قبل الحكومات في إدارة مستوى الدين العام للدولة، وبسبب عدم الإدارة الجيدة لهذه الجوانب سوف تقودنا إلى أزمات وكوارث ومشاكل اقتصادية لا حصر لها ولا عد، أولها زيادة التضخم، و بالتالي ستنعدم وتنهار الثقة في الاقتصاد الوطني لأي دولة، مع الأخذ في الاعتبار إنه لا يمكننا أن ننسى أنه في بعض الحالات (يمكن أن يكون الاقتراض الحكومي فعالً في تحفيز النمو الاقتصادي)، خاصةً عندما يتم استثمار الأموال المقترضة في مشاريع البنية التحتية و التنمية الاقتصادية و التعليم و الرعاية الصحية و غيرها من المشاريع المدروسة بعناية، لذلك تعتبر معالجة و إدارة الدين العام بطريقة مستدامة مسألة ضرورية للحفاظ على استقرار اقتصاد أي دولة وتجنب الأزمات و الكوارث المالية والاقتصادية . والسؤال الذي يمكن طرحه في هذا الصدد ويحتاج إلى إجابة ضرورية، من الذي سيتحمل نفقات دفع الدين العام في الدول التي يوجد بها ضعف سياسي واقتصادي و منهكة من بسبب الحروب والصراعات الأهلية والكوارث و هجرة الناس من مقار سكناهم ؟، وهل من العدل أن نحملهم تكاليف إضافية و معاناة فوق ما يعانونه، فهم فقدوا كل شيء ونزيد على مصيبتهم المشاركة في دفع الدين العام ؟! ألا يُعد هذا ظلما واجحافاً وعدم مساوة بين الفقراء و المحتاجين و المتضررين و بين الأغنياء و أصحاب الشركات و الحسابات البنكية الخارجية ؟ على سبيل المثال يُعد دور وزارة المالية أساسي في إدارة الدين العام عبر تطوير السياسات المالية و النقدية من خلال وضع استراتيجيات للتمويل وإعادة التمويل و تحديد أفضل الطرق لاستغلال الديون بما يخدم التنمية الاقتصادية و السيطرة على التضخم لتجنب الأزمات التي قد تنجم عن تراكم الديون بشكل غير قابل للتحكم، وليس إرهاق المواطن والنظر إلى الأزمة من زاوية واحدة يدفع فاتورتها المواطن البسيط من قوت يومه.
* الدكتور: عابدين الشريف