العيد
كل عام والجميع في وطني ووطني بألف خير وهناء تقبل فرحة العيد فتزرع البهجة في النفوس وتزيل عنها غبار الخيبات والحسرات و »العيد» إنما سموه «عيدا» تفاؤلا ب «عودته» فهو عيد أي هو سيمضي ولكنه سيعود على عادتنا في التفاؤل وتسمية الأشياء بأسماء تفاؤلية حتى لو كان الاسم عكس ما نسميه في معناه وشكله ومن ذلك أننا نطلق على مجموعة الإبل المسافرة اسم «قافلة» وهي في حقيقتها مسافرة وليست «قافلة» لأن كلمة «قافلة« تعني راجعة وعائدة ومقبلة ونسمي المكسور «مجبورا» والملوع سليما والأعمى بصيرا إلخ وكلها أسماء تفاؤلية وبهذا المعنى سمينا هذه المناسبة الجميلة باسم «العيد» ونحن نعرف أن اليوم الذي ينقضي لن يعود حتى وإن تشابهت الأيام في ظاهرها و »العيد» هو لمة العيلة وملتقى الأحباب وفيه تتواصل الأرحام وتعم الفرحة وهو موسم «التصالح والتسامح» ففي «العيد» يكبر الناس بعزمهم وإيمانهم على خصوماتهم جراحاتهم وأخطائهم ليتسامحوا في يوم العيد السعيد ولهذا جرت على ألسنتنا كلمة (سامحني) حتى صارت من لوازم تهاني العيد ولكن الكلمة بقيت «لفظا» وماتت في معناها للأسف فالناس يقولونها وهم لا يتسامحون وإنما تفصل بينهم الخلافات والتعصب والجهوية والقبلية واختلاف وجهات النظر فهم رغم أنهم يقولون «سامحني» إلا إن قيمة ومعنى وغايات العيد عندهم وهي «التسامح» مفقودة ودليل ذلك ان مجتمعاتهم منقسمة واوطانهم مشرذمة وعدوهم يصول ويجول ويقول وهم يصدقون ما يقول من شعارات فارغة ويصدقون أن العدو يسوقهم إلى الخير والتقدم والرقي حتى ولو كان العدو كما هو الطبيعي لا يسوقك إلا لخيره هو .. ونحن يجري بنا في متاهات الموت وسراديب الضياع .. والعيد هو فرحة الصائم بعد انقضاء شهر الصوم ولهذا يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم « للصائم فرحتان .. فرحة يوم فطره .. وفرحة يوم لقاء (ربه) فالفرحة بالعيد لا تعني فرحة بانتهاء الصوم كأنها فرحة بالانعتاق من قيد وإنما فرحة المؤمن بتمكنه من قضاء عبادته في طاعة مولاه على الوجه الأكمل فهو يفرح لأنه استطاع أن يصوم النهار ويقوم الليل في طاعة مولاه وتلك عند المؤمنن غنيمة تستوجب الفرح بالعيد .. ولتأكيد هذا المعنى كانت بداية الفرح بالعيد تكون بالصلاة والتهليل والتكبير .. فالفرحة الأولى والتعبير الأول عن الفرح كانت صلاة لله تعالى ولمة ولقاء وتسامحا وتصافحا بن الجموع .. كل عام والجميع بخير والوطن فوق الجميع بألف خير ..
* عمر رمضان اغنية