مقالات

عزف منفرد

في زمن عابر

يحكى أن جحا سُئل ذات يوم عن أيهما أفضل السير أمام الجنازة أم خلفها؟.. فأجاب «المهم ألا تكون في النعش وسر حيث شئت» هذه الحكمة (الجحائية) رغم ارتباطها بالأسطورة والخيال الشعبي إلا أنها أضحت في أيامنا هذه المنهج الذي يستخدمه غالبيتنا في التعامل مع ما يجري حولنا والأسلوب الذي يسير على نهجه معظم الناس في مواجهة الأحداث صغيرها وكبيرها. فعلى الصعيد المحلي صار المثل السائد بن المواطنن هو «اخطى راسي وقص » فمادام الضرر لم يصبني وأثره لم يصل إلي وتداعياته لم تؤثر في حياتي اليومية فالأمر سيان و »فخار يكسر بعضه» مصائب كثيرة تقع بيننا وكوارث عديدة تحدث أمامنا نتعامل معها بأسلوب اللامبالاة ونقابلها بالتجاهل وعدم الإكتراث لأن ضررها يصيب الآخرين وشظاياها تنتشر بعيداً عنا. وعلى المستوى العربي نتابع العدوان الإسرائيلي على غزة وما يحدثه من قتل ودمار في القطاع وكأنه مسلسل تراجيدي تعرضه إحدى القنوات، ونشاهد الحرب الأهلية في السودان بكل تجاهل وإهمال لما تسببه من مآسٍ وأضرار للمدنين الأبرياء، فض اً عن القصف الأمريكي المتكرر لأشقائنا في اليمن وما يحدثه من دمار في هذا البلد الذي يعاني أص اً من آثار حرب أهلية وتدخل خارجي منذ سنوات. لم يعد الشارع يحرك ساكناً أمام كل هذا الذي يحدث، صار المواطن يلهث بشكل يومي وراء لقمة عيشه ويسعى إلى حياة الكفاف والابتعاد فقط عن شبح الفقر والحاجة. حالة التبلد هذه وظاهرة اللامبالاة التي أصابتنا في مقتل تبدو كورم خبيث انتشر في معظم أنحاء الجسم الليبي خاصة والعربي عامة وبدأت آثاره السلبية تظهر للعيان وتداعياته الخطيرة تصيبنا بالضعف والهزال في انتظار ه اك هذا الجسم وفنائه. ليس أمامنا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا التخلي عن هذا السلوك السلبي الذي إنتشر بيننا وتجاوز هذه الأنانية التي سيطرت على تصرفاتنا ومواقفنا وتسببت في حالة الضعف والهوان التي نعيشها الآن ونعاني من آثارها وتداعياتها.

* خالد الديب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى