مقالات

وقت إضافي

حول محتوى الإعلام الوطني في الشهر الكريم ..

لا أدعي أنني تابعت جميع ما بث عبر شاشاتنا الوطنية خلال الشهر الكريم من برامج سواء درامية أو منوعة ، ولا أعتقد أن الوقت بات يسمح للمتابعة المتواصلة خاصة في ظل تعقيدات الحياة اليومية، مع تعدد وسائل الإعلام من مقروءة ومرئية ومسموعة ، مضافا إليها وسائل الإعلام الجديد المتمثلة في الإعلام الرقمي التي يبدوا أنها سحبت البساط فعليا من وسائل الإعلام التقليدية وسجلت قفزة نوعية في عملية الاستحواذ على نسبة المتابعة وكذلك في عملية صنع المحتوى الذي باتت صناعته في متناول الجميع والجميع يسهم فيه ، بسبب انعدام التكلفة، ويسر الإنشاء والصناعة، مع الزيادة التصاعدية في نسبة المنظمين للفضاء العنكبوتي . قلت لم أتابع جميع ما بث وعرض من برامج في وسائل إعلامنا الوطنية، ولكن مع نظرة شاملة من خلال بعض المتابعات الخاطفة والمطالعات السريعة، وانطباعات عدد من الزملاء من الوسط الإعلامي المتابعين عن كثب لما يبث ويعرض يمكننا القول بأن محتوى الإعلام الرمضاني التلفزيوني هذا العام تراجع كثيرا عن العامين السابقين على مستوى المنتج من أعمال وغياب الأعمال الكبيرة ذات الإنتاج الضخم أو على مستوى جودة المحتوى ومدى توافقه مع خصوصية الشهر الكريم من جهة، ومن جهة أخرى مدى ملامسته لمشاغل ومطالب الناس وهمومهم وانتظاراتهم من وسائل إعلامهم الوطني .. والتي للأسف جلها تبث من خارج البلاد مع تعدد وغموض ملكيات وتبعيات الكثير منها. وتركيزا على ما عرض في الفضائيات الرسمية والممولة من خزانة الدولة نجد أننا أمام خطاب إعلامي مشوش ولا يرقى لمستوى التطلعات ولا يرتقي بالذائقة ، خطاب مكرر تغلب عليه الارتجالية وضعف المهنية ، محرضا على العنف أحيانا ، ومكرسا لبعض العادات السيئة والسلوكيات الضارة بالمجتمع أحيانا أخرى متغافلا عن قضايانا الوطنية والقومية الملحة حيث غابت المعالجات الحقيقية لكثير من المواضيع والأحداث التي تشغل المواطن ، وكذلك غابت غزة وأحداثها الدامية وتصاعد وتيرة الأعمال الوحشية للعصابات الصهيونية خلال الشهر الكريم على غير عادة التلفزيون الليبي الذي كان يفرد المساحات الطويلة للقضية الفلسطينية مساندا ومتضامنا وناقلا بمصداقية مستجدات الأوضاع في الأراضي المحتلة كما نجد في جانب أخر وفي عدد كبير من البرامج والمسلسلات لغة هي أقرب للسوقية محشوة بمفردات السب والشتم والعبارات التي تتعارض مع قيم مجتمعنا وأعرافه، والتي ووجهت بانتقاد شديد من بعض النقاد و المؤسسات المعنية بمتابعة المحتوى الإعلامي .. هذا عن البرامج التلفزيونية، أما ما يخص الإعلام المسموع والمتمثل في الإذاعات المسموعة الوطنية والمحلية والتي يشكو أغلبها خاصة العمومية من قلة الإمكانات وضعف التمويل فاختارت الاتجاه إلى البرامج الترفيهية والتجارية كبرامج المسابقات والتسالي وغيرها والتي وافقت اهتمامات شريحة واسعة من مجتمعنا تستهويها مثل هذه البرامج التي لا تحتاج إلى جهد ولا مهنية. أما عن المحتوى الإعلامي المكتوب والمتمثل في الصحف والدوريات الوطنية وما قدمته في شهر رمضان المبارك فلن أكون منحازا إذا ما قلت بأنها أفضل حالا من الوسائل السمعية والبصرية.. فلقد لاحظنا تميزا لعدد من الصحف الصادرة عن الهيئة في هذا الشهر الكريم والتي أعادنا بعضها إلى الزمن الجميل لصحافتنا من خلال تخصيصها لصفحات تنطلق من خصوصية الشهر وتصب في اهتمامات القراء وما يفضلون قراءته بمهنية وحرفية وجدناها لدى عديد الزملاء ومشرفي تلك الصفحات .. رمضان كريم … وكل عام والجميع بخير.

* الفيتوري الصادق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى