مقالات

العبقرى الذى رحل فى صمت

رحل عن عالمنا الرجل الذى ترجم القرآن الى اللغة الفرنسية ، الرجل الذى ربما لم يسمع به إلا القليل جدا فهو ليس من المطربين أو الممثلين ، ولا من الفنانين وليس من محترفي ومشاهير التوك توك ، وهو ليس
لاعبا فى اليوفى أو الريال ، فقد بقت سيرته معزولة عن الذكر في إعلام التجهيل، وحتى خبر وفاته القليل من سمع بها، لأنه في آخر أيامه فضل أن يبقى في الظل كفارس مجهول. انه الرجل الباحث والمفكر والعلامة الذى هو أول من قام بترجمة وتفسير كتاب الله القرآن الكريم من اللغة العربية الى الفرنسية في عشرة مجلدات وتركها للتاريخ وللجيل الرابع من أبناء الأقليات المسلمة حتى يعرفوا دينهم ويفهموه. بل والآلاف الذين يدخلون في دين الله أفواجاً في فرنسا وبلجيكا وافريقيا في العقود المنصرمة . كلهم قرأوا تفسيره للقرآن وانطلقوا منه ليتشبعوا بعقيدة التوحيد. انه الرجل الذي وضع معجم معاني القرآن الكريم و هو الذي كسر الصورة النمطية المغلوطة للغرب تجاه الإسلام في كتابه النقدي «الاستشراق والإسلام» فقد تصدى للمستشرقين وأعداء الإسلام وواجههم بالحجة والكلمة والبرهان ، وهو الذي وضع كتابا ثميناً يعد مرجعاً في علم الدراسات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة في كل بقاع العالم الإسلامي وأطلق عليه اسم «مقاصد القرآن المجيد». إضافة إلى 30 كتاباً آخر باللغتين الفرنسية والعربية وكلها حول عظمة الإسلام وتاريخ المغرب العربي المجيد. إنه الباحث الكبير الدكتور الورع والعلامة الفقيه محمد بن أحمد بن شقرون الذي توفاه الله في هذا الشهر الكريم منذ أيام ، ولمعلومية القارئ فإن للفقيد العديد من المؤلفات بما يناهز الثلاثين مؤلفا بالعربية والفرنسية والإسبانية، منها: كتاب البيئة المغربية ومظاهرها الثقافية (اللغة الفرنسية 1969) وله مظاهر الثقافة المغربية باللغة العربية 1968 ، وكتاب الحياة الفكرية المغربية في عصر الدولة المرينية والوطاسية(أطروحة) 1974 وقام بتأليف كتاب معجم التربية والتعليم (عربي فرنسي 1980)
وله كتاب الثقافة الشعبية المغربية بالفرنسية، وله التربية والتعليم من خلال المصادر العربية والفرنسية
والإسبانية دراسة بيبلوغرافية باللغة الفرنسية ، وله الاتجاهات الأدبية في العهد المريني: دراسة وصفية ونقدية عبر تحقيق مخطوط لمؤلفه ابن الدراج السبتي ، وله كتاب فيض العباب في الرحلة السعيدة إلى قسنطينة والزاب: دراسة وتحقيق رحلة قام بها أبو عنان المريني من تأليف ابن الحاج النميري الأندلسي، وله العبادات في الإسلام ومظاهرها السياسية والاجتماعية والتربوية وكتاب التعليم العصري بالمغرب بدايته وتطوره، وكتاب الفكر النفسي والتربوي عبر التاريخ: دراسة تحليلية لمصادر ومراجع في الموضوع، عربية
وفرنسية وكتاب علم النفس التربوي والتطبيقي عبر نماذج مختارة: دراسة مفصلة للفرنسي جونيفز وله كتاب القرآن الكريم تفسيره وترجمة معانيه إلى اللغة الفرنسية في عشرة أجزاء والطبعة الجديدة في ثلاثة مجلدات بفرنسا . وله كتال القرآن الكريم حسب موضوعاته المختلفة: في أربعة أجزاء باللغة الفرنسية سنة 1998 ، وله كتاب مصادر ومراجع الدراسات القرآنية والحديثية المقررة في برامج المعاهد والجامعات الفرنسية ، وله مقاصد القرآن المجيد ومعانيه ،وله ايضا مدخل إلى الدراسات القرآنية والحديثية في جزأين، دراسة مفصلة ، وله معجم مباني ومعاني القرآن الكريم ، وله إرشاد الطالب إلى دراسة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، وله معجم قرآني باللغة العربية والفرنسية والإسبانية، ج 1، وله الاستشراق: مظاهره، تطوره، خصائصه الإيجابية والسلبية، نموذج من الاستشراق الفرنسي الموضوعي ، وله مسيرة وذكريات في جزأين: ترجمة ذاتية تتضمن سيرة المؤلف ومسيراته الاجتماعية والتعليمية والثقافية والإدارية. ورغم
هذا العطاء الكبير إلا انه رحل في صمت وتجاهل تام من طرف الإعلام المشغول بتمجيد التافهين ونشر أخبار النجوم والمطربين والدسائس والفضائح وانتقالات لا عبى كرة القدم واخبار الموضة وسعر الدولار ، وكل ما هو مثير وبلا هدف ، رحم الله الفقيد وغفر له وجزاه كل خير عن المسلمين ، اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين .

* د. أبو القاسم عمر صميدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى