مقالات

للو طن (5)

ومن مجمل هذه المؤثرات تكونت الأغنية الليبية فتلونت بكل ألوان لحضارات التي عاصرتها وعاشرتها .. فعبرت عن استيعابها لكثير من التلوينات الفنية في غزارة إيقاعاتها التي جاءت كثيفة وغنية بالتعبيرات في استيعاب تلاوين الصوت في نطقه فجاءت الإيقاعات تساوق سرعته إن كان سريع النطق وتمتد معه طويلة بطيئة إن كان صوتا ممتدا في تهويمة حزن أو في نداء شوق أو في تهليلة فرح وانغمست الأغنيات الأولى في التعبير عن الحياة .. فوجدنا أغاني «ترقيص الأطفال « تبتكرها الأمهات لتنويم الأطفال وللترفيه والتسرية عنهم وهي أغان تعددت أوزانها وأشكالها من منطقة إلى أخرى بل ومن أم إلى أخرى حتى في المنطقة الواحدة فأكسبها ثراء ولونا فيه براعات الأم وبراءات الطفولة وفيه جانب المتعة ومعنى الترقيص في ايقاعه المتناغم مع حركة اليدين في الترقيص والتلعيب للطفل وأغاني ترقيص الأطفال تختلف في نصوصها بن ترقيص البنت وترقيص الولد فالأم تقول لبنتها ما لا تقوله لولدها وهو في جملته ترقيص ولكن الأم تتمنى لولدها الفروسية والشجاعة والسيادة بن ناسه وتريده أن يكون جوادا كريما .. بينما هي تتمنى جمال الصورة و »الزين » لبنتها وأن تكون سيدة بيت في شغلها واهتمامها ببيتها تمتاز بالمهارة عن كل النساء وهي يغلبها الحياء والعفة والحشمة فهي خفيضة الصوت قليلة الكلام إلا لمنفعة ومصلحة عامة للبيت والأسرة وهي أم تحسن تربية وتعليم وتلقن اولادها كل معاني الحياة العالية .. ونجد اغاني الختان وما يقام
فيها من أفراح بالولد وما يقال عنه وله قبل وبعد الختان وتلقانا أغاني الأعراس بكل تلويناتها وما يتم فيها من
فنون متنوعة كالمجرودة وضمة القشة وغناوة العلم في شرق الوطن ظهورا وتميزا ولكنها بفعل التواصل صارت معروفة منتشرة في الوطن بشكل عام بينما نجد القسيم والبوطويل ملازما للمنطقة الغربية وخاصة في الفنون النسائية من «المالاة » وما في حكمها ونحن واجدون «الغناء العتبي » و »الطيبلة » بكل تنويعاتها في الجبل الغربي ومناطق الغرب عموما بينما ينتشر اللون الفزاني والجنوبي عامة كالمرسكاوي واللون المثلث في طوالعه في منطقة الجنوب عامة وتتمازج مع هذه الألوان ألواننا التارقية والتباوية
وألوا إخوتنا في الجبل الغربي وغيره من مناطق الأمازيغ وهي فنون تحمل خصائص النطق في التصويت
بالكلام ولكنها تمتاز بالعمق وتلوين التعبير وكل هذه الفنون الغنائية هي قريب من قريب إن اختلفت
في تعابيرها الكلامية فهي تتآخى في تعابيرها النغمية ونحن واجدون أغاني الحصاد وأغاني الدراس وأغاني «المجز » للغنم وأغاني القوافل وأغاني الرحى والسقاية على المناهل الكبيرة واغاني الربيع وليالي الصيف أو ما يعرف بأغاني «البراش» ويوجد عندنا الغناء الحزين في «التعديد» على الموتى وذكر خصالهم ومفاخرهم وسيرتهم بإيجاز .. ونحن نجد عندنا الابتهالات والمدائح النبوية في خلقات الذكر الطيب .. ولا ينسى المتحدث عن الغناء الألوان الغنائية الفخمة التي جاءتنا من الأندلس في الوشحات والأدوار والمالوف وهو فن يحتاج وقفة واحده..

* عمر رمضان اغنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى