محلياتمقالات

عزف منفرد

في الهم سواء

الضحالة الثقافية وقلة الاطاع ليستا مسألة ليبية او عربية لكنهما تجاوزا البحار والمحيطات ليصبحا عنوانا لهذه المرحلة في كل انحاء العالم. مذيع امريكي خرج إلى الشارع مصحوبا بكاميرا وميكروفون وسأل الناس بعض الأسئلة العامة فكانت النتيجة كارثية وتقريباً كل الذين سألهم لم يعرفوا حتى إجابة واحدة على أسئلة مثل .. كم عدد الحروف الأبجدية في اللغة الانجليزية ؟ من هو نائب الرئيس الامريكي ؟ من مؤلف قصة روميو وجولييت ؟ ما ترتيب الرئيس بايدن بن رؤساء امريكا ؟ ضد من حاربت امريكا حرب الاستقلال ؟ اذكر حربن خاضتهما امريكا في العصر الحديث ؟ اذكر الدولتن اللتن تحدان الولايات المتحدة من الشمال ومن الجنوب ؟ والكارثة كانت عندما طلب المذيع من فتاة امريكية ان تذكر له دولة واحدة تقع في اوروبا، فأجابت «كنت أظن أن اوروبا إسماً لدولة !! . ثقافة (خط ولوح) السائدة الآن في معظم المجتمعات سيطرت على الذوق العام وزادت وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية من تعميقها وغرسها لدى فئة كبيرة من الناس، خاصة بعد دخول هذه المجالات أفراد لا علاقة لهم بالثقافة وتنقصهم أدوات التوعية والإرشاد وصارت مرتعاً لكل من هب ودب. كتاب (نظام التفاهة) صدر باللغة الفرنسية مؤخراً يعرض فكرة مفادها أننا نعيش فترة مختلفة عن فترات التاريخ البشري، حيث السلطة بعيدة عن يد من يستطيع التميز في القيادة، ومبسوطة في يد التافهن باختاف درجاتهم ومستوياتهم. لقد تطور الأمر حتى صار يكتسح جميع المجالات، وصارت التفاهة نظاماً يُحتفى به، واستطاع التافهون أن يبنوا عالماً جديدا يقتل الإبداع والتميز، ويشرع التفاهة والتخلف، ويجعل الخروج عن النظم التقليدية خطأ غير مقبول، مهما كانت الدوافع، وحتى لو كانت نتيجة التجديد حسنة وجيدة. المشكلة اليوم أن التفاهة تسيطر على معظم مجالات الحياة فقد دخلت في الفن والثقافة وحتى السياسة صار يتعاطى بعض شؤونها من يمكن أن نطلق عليهم تلك الصفة. لكن الأمر لا ينبغي أن يترك هكذا دون مواجهة أو تصدي، فالأمر موكول للنخبة في كل مجتمع أن تحمل مشعل القيادة والتغيير وألا تستسلم لهذا السقوط وتقف أمامه حائرة عاجزة بل عليها أن تشعل شمعة بدل أن تلعن الظام.

 خالد الديب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى