صادف اليوم الثلاثاء 27 فبراير الموعد الذي اختارته الجامعة العربية ومؤسساتها المختصة بالشأن الثقافي للاحتفاء بيوم التر اث العربي تنفيذا لقرارها 8030 الصادر في دورتها (145) عام 2016 م .. هذا القرار الذي اختزل للأسف في إقامة عدد من المناشط الثقافية السنوية في بعض العواصم العربية ، وتنظيم المعارض التراثية للمقتنيات والأزياء والمأكولات الشعبية ، واستعراض اللوحات الفنية والفلكلورية المعبرة عن بعض الثقافات المحلية . وبالرغم من أهمية هذه البادرة التي تبنتها بعض الإدارات الثقافية بالجامعة نرى أن تخصيص هذا اليوم للاحتفاء بموروثنا الثقافي وإحيائه والحفاظ عليه يحتاج إلى تحفيز الوعي المجتمعي و الرفع من مستواه تجاه ما يواجهه الموروث الثقافي العربي من مخاطر و تحديات ، وضرورة العمل المتواصل والمقنن من أجل ترسيخه وتحصينه من أية تشوهات قد تطاله في زمن العولمة والرقمية وتذويب الحضارات وفرض مفهوم الهوية الافتراضية بديلا رقميا عن الهوية الثقافية الوطنية. إن بادرة الجامعة العربية في تخصيصها لهذا اليوم لإحياء التراث الثقافي العربي تعد جيدة ومهمة ، ولكن ينبغي أن تحمل المبادرة مشاريع وبرامج حقيقية تخدم التراث الثقافي العربي في ظل احتدام ثقافي عالمي غير معلن فرضته مستجدات عصر العولمة والرقمية ،التي وإن كانت في ظاهرها تقرب بين الشعوب والثقافات إلا إنها في واقع الأمر تعمل على إذابة ومحو الهويات الوطنية خاصة الضعيفة على الصعيد الرقمي ولعل الجميع يدرك ضعف حضور الموروث الثقافي العربي مقابل ما تنتجه بقية الثقافات وتعرضه على شبكة المعلومات الدولية .. مما يدفع إلى التساؤل القلق عن مستقبل موروثنا الثقافي العربي وهل سيصمد في ظل التوجه العالمي نحو الرقمية؟ مدى مقدرته على البقاء أمام حملات التشويه والمسخ الحضاري المتواصل؟ ما الذي أعدته المراكز والمؤسسات العربية المختصة بحفظ وحماية التراث للمرحلة القادمة وقد أصبحنا نعيش عصر الرقمية والذكاء الاصطناعي؟ ما الذي يؤخر مشاريع رقمنة التراث الثقافي العربي التي نسمع عنها في بعض البلدان العربية ولا نراها واقعا ؟ ما موقف مناهجنا و مؤسساتنا التعليمية والتربوية من عملية حفظ التراث؟ وهل تقوم بدور الناقل المرسخ للتراث كما يجب ؟ .. وتتعدد الأسئلة القلقة وتزدحم تجاه واقع ومستقبل موروثنا الثقافي الذي نخشى أن تضيع ملامحه وتشوه في ظل هذا التدافع الثقافي العالمي.
* الفيتوري الصادق