مقالات

أسبوعيات

فعلها "بورقيبة".. فهل ينتهجها الزعماء العرب؟!

منذ بدء الأزمة الفلسطينية والتي وضعت مرتكزاتها السياسة الاستعمارية في المنطقة في ظل التحالفات التي أفرتها نتائج الصراعات الدولية، حيث تضرب هذه الأزمة بجذورها إلى العام 1948 بإعان قيام دولة الاحتال (إسرائيلظ) على أراضي فلسطين التاريخية . ومنذ ذلك التاريخ وتتداول الهيئة الدولية (منظمة الأمم المتحدة) عبر مجلس الأمن هذه المسألة بمعايير ومقاييس مختلفة، فقد أصدر المجلس أكثر من 90 قرارًا يتعلق بهذه المسألة. في سنة 1948 وحدها أصدر المجلس 16 قرارًا متسلساً من 42 إلى القرار 62 ثم القرار 66 . كما أصدرت الجمعية العامة أكثر من 190 قرارًا ذي علاقة . وكانت أبرز القرارات هي تلك التي أعقبت حرب الأيام الستة والتي جاءت ضمن قرارات المجلس في ذلك العام والتي شملت 6 قرارات أهمها القرار 242 لذي نص في الفقرة (أ)من المادة الأولى على ” انسحاب القوات الإسرائيلية من (أراضٍ) أُحتلت في النزاع الأخير” حيث لم يتم التحديد لتلك الأراضي – بحسب النص الانجليزي Withdrawal of Israeli armed forces from territories occupied in the recent conflict مما يميع مسألة طبيعة الانسحاب تلك .. كما نص القرار على إنهاء حالة الحرب والاعتراف الضمني بحق دولة الاحتال . حيث نصت الفقرة (ب) من المادة الأولى على “انهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب واحترام واعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة واستقلالها السياسي وحقها في العيش ضمن حدود آمنة ومعترف بها وحرة من التهديد وأعمال القوة”… فهل تجاوبت دولة الاحتال مع القرار؟ أو أيّ من القرارات التي تتعارض مع سياساتها ؟ وضع فلسطين في الأمم المتحدة منذ العام 1974 كانت الأمم المتحدة تتعامل مع فلسطين على أنها (كيان)، وعلى إثر إعان منظمة التحرير الفلسطينية في اجتماعها بالجزائر عام 1988 استقلال دولة فلسطين في 15 نوفمبر في اجتماع الدورة التاسعة عشر للمجلس الوطني الفلسطيني، استعيض عن الكيان بتسمية “بعثة المراقبة الدائمة الفلسطينية” بناء على قرار الجمعية العامة رقم 177 / 43 والذي اعتمد على اعان الاستقلال الفلسطيني وتم استبدال منظمة التحرير الفلسطينية باسم (فلسطين) . في العام 2011 تقدمت الرئاسة الفلسطينية بطلب لأمم المتحدة لقبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية ، استنادًا لنص المادة الرابعة ضمن الفصل الثاني للميثاق الخاص بالعضوية، وكان عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين 80 دولة ، إلا أن الطلب لم يحظ بالدعم الازم بما يضمن نقله إلى مجلس الأمن للتصويت على التوصية به. في 29 / نوفمبر 2012 أقرت الجمعية العامة لأمم المتحدة بأغلبية كبيرة قبول فلسطين دولة غير عضو بصفة مراقب وفق القرار 19 / 67 . تجيز صفة المراقب للدولة الحق في التحدث في اجتماعات الجمعية العامة دون الحق في التصويت على القرارات، ومن الناحية البروتوكولية يكون جلوس ممثليها بعد ممثلي الدول الأعضاء . بحلول العام 2024 بلغ عدد الدول التي اعترفت بدولة فلسطين 140 دولة من بين أعضاء الأمم المتحدة البالغ 193 دولة . وقد كان للحرب على غزة الأثر الكبير في توجيه أنظار المجتمع الدولي نحو القضية الفلسطينية وكشف أبعاد السياسة الصهيونية تجاه الشعب الفلسطيني، التي تعتمد منهجية الإبادة الجماعية والقضاء على أبناء الشعب الفلسطيني . وتأكيدًا على حق الشعب الفلسطيني في قيام دولته وبالعودة في مسار تسوية الصراع العربي الصهيوني وفق مبادرات السام المختلفة والتي اعتمدت على حل الدولتين القاضي بقيام دولة فلسطين على حدود 1967 ، وعاصمتها القدس الشرقية، تقدمت الجزائر باسم المجموعة العربية بمشروع قرار لمجلس الأمن يطالب بمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، المشروع الذي اجتمع لأجله مجلس الأمن في 18 أبريل المنتهي اليوم، وأبطله ال “فيتو” الأمريكي رغم موافقة 12 دولة من بين أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر وامتناع كل من المملكة المتحدة وسويسرا. فماذا كان رد فعل الساسة العرب؟ تباينت ردود الأفعال بين الاستنكار والإدانة والأسف والاستياء، والتحذير بأنّ ذلك من شأنه أن يفاقم المسألة ويعيق جهود (السام)!! فهل يكفي ذلك لدعم الموقف العربي ودعم القضية ا لفلسطينية ؟ في 1 أكتوبر 1985 شن ساح الجو الإسرائيلي غارةً على مقر القيادة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية في “حمام الشط”بتونس فيما عُرف بعملية “الساق الخشبية”Wooden Leg أودت بحياة عدد من الفلسطينيين والتونسيين، فاعتبرت تونس ذلك انتهاكًا لسيادتها وتعديًّا على أراضيها، ودعت لعقد اجتماع طارئ بالخصوص لمجلس الأمن لإدانة هذا العدوان ، وأمام تلويح الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام ال “فيتو” قام الرئيس التونسي آنذاك “الحبيب بورقيبة” بتهديد الولايات المتحدة بأنه في حال استخدامها امتياز ال “فيتو فإنه سيقطع العلاقات الدبلوماسية معها، فلم تستخدم أمريكا ذلك الامتياز وعَبَرَ القرار. كانت تلك هي تونس الدولة الأضعف في المنظومة العربية. فهل يدرك الساسة العرب أنهم-إذا ما أرادوا- فإنهم يمتلكون الساح الأقوى من ال “فيتو”؟

 

* د : جمال عبدالمنعم الزوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى