يرى البعض أن السمعة السيئة التي نالتها ليبيا مؤخرا في التعامل مع المهاجرين والدعاية السلبية التي رافقت الانتهاكات الكثيرة التي تعرضوا لها؛ يرون أنها ربما تكون في مصلحتنا في المستقبل وستعود علينا بالفائدة من خلال نظرة بعيدة المدى وقراءة متفحصة لما هو آت. فهؤلاء يحللون الأحداث بطريقة مختلفة ويقرأونها بصورة مغايرة غير التي نحلل ونقرأ بها نحن، فالدعاية السلبية والسمعة السيئة -حسب منظورهم- ستكون بلا شك عام اً رئيسياً في تقليص تدفق المهاجرين عبر حدودنا، وسبباً مباشراً في ردع كل من يفكر في خوض هذه المغامرة من خلال أراضينا، لأنه سيدرك أن ليبيا لن تكون ممراً سهلاً ولا منطقة عبور متيسرة في كل وقت وحن ، فما ينتظرهم هنا من عنف وسوء معاملة سيكون الرادع الأكبر لهم للإحجام عن هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر والمغامرة المليئة بالسلبيات . ويضيف هؤلاء أنه ينبغي علينا الآن أن نتحمل ما يقال علينا في مختلف وسائل الاعلام العالمية، وما تصدره منظمات حقوق الإنسان بشأننا، وأن نتجاوز الاتهامات الموجهة لنا بإعادة تجارة الرقيق، لأن النتائج ستكون إيجابية في جوانب أخرى أبرزها التخلص من قضية الهجرة غير القانونية وهي أكبر أزمة واجهتنا بعد الإرهاب. تظل هذه الأفكار مجرد وجهة نظر لا تمثل إلا أصحابها ولا تعني إلا من أصدرها أو تبناها، فقضية الهجرة غير القانونية تمثل الآن أزمة عالمية وتعاني الكثير من الدول تداعياتها وآثارها وسببت في بعض البلدان خلاً ديموغرافياً بعد أن استقبلت أمواج المهاجرين وتحولوا مع مرور الوقت إلى أزمة داخلية وعبء على المجتمع اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وحتى سياسياً. بالتأكيد أن الحل المثالي لهذه الظاهرة/ الأزمة هو القضاء على أسباب الهجرة من خلال مشاريع تنموية في بلدانهم توفر لهم العمل الكريم والأجر المناسب الذي يلغي فكرة الهجرة من عقولهم ويحفزهم على البقاء فيها مادامت توفر لهم سبل الحياة الكريمة ولقمة العيش الرغيد. لكن أنانية الدول الغنية ورغبتها الملحة في التفوق الاقتصادي جعلت هذا الحل المثالي غير ممكن وأم اً بعيد المنال، ولجأت إلى الحل الأمني وتقييد فرص الدخول إلى أراضيها من الدول الفقيرة مما جعل مواطني تلك الدول يلجؤون إلى وسائل أخرى لتجاوز هذه الحدود وأساليب مغايرة لتخطي تلك القيود . وهكذا استمر المد والجزر بن الطرفن وتفاقمت المشكلة أكثر فأكثر، فلا الدول الغنية سهلت الهجرة إليها ولا المهاجرون استسلموا للقيود والعراقيل التي وضعتها تلك الدول أمامهم.
■ خالد الديب