بربرية الغرب وسقوطه الأخلاقي (الجزء الأخير)
لقد كتب الكاتب المميز نبيه البرجي .. قائلا إنه تعقيباً على قنبلة هيروشيما , وصف الياباني “ياسوناري كاواباتا” الرئيس الأمريكي هاري ترومان ب”الرجل الذي أقال الشيطان من المهمة التي أوكلته اياها الكتب المقدسة لكي يحل محله” . وفي حالنا اليوم وأمام ما ترتكبه إسرائيل وأمريكا؛ هل نحن في صراع مع كائنات بشرية أم مع الشيطان فى شخص الصهاينة والغرب ؟ لم نعد بحاجة إلى أي دليل إضافي لندرك أن الغرب زرع اليهود بيننا؛ نحن الخارجون للتو من تلك الليلة العثمانية الطويلة وهم الذين عاشوا وتفاعلوا مع الإيقاع الأوروبي منذ عصر الأنوار وحتى عصر المداخن , لكي نبقى على قارعة الزمن . ما يحدث كل يوم في قطاع غزة ولبنان لا يدع مجالاً للشك في أن الساعة الآن ليست الساعة الكبرى , دون أن نذهب مع تلك التعليقات العربية والغربية التي تقول إن الايرانيين ورطوا حلفاءهم ؛ لا سيما في لبنان بتفجير الجبهات، وهي الورقة الذهبية التي تلقفها بنيامين نتنياهو لمحاولة جر الأميركيين إلى المؤازرة العملانية لتنفيذ شعاره ” تغيير الشرق الأوسط” ولو اقتضى ذلك إحراق الشرق الأوسط , قبل أن تعرّيه الحرب في غزة حتى العظم . التعليقات تقول إن آية الله خامنئي الذي أدرك ما تداعيات وما احتمالات أي انفجار عسكري واسع النطاق خطا أكثر من خطوة باتجاه إدارة جو بايدن لكنها الخطوات في المكان والزمان الخطأ، وهذا ما يحاول نتنياهو أن بالسياسات البهلوانية أو بالسياسات البربرية استغلاله إلى أبعد مدى وهو الذي يقف على قرن ثور .نعلم مدى الهوة السيبرانية بيننا وبين إسرائيل , ولكن ثمة ثغرة قاتلة قد حدثت مع علمنا كيف تفتح كل الأبواب، وفي أي مكان للموساد بنشاطاته الأخطبوطية التي تتركز بالدرجة الأولى على “حزب الله” . هذا ما يحملنا على استعادة بعض المحطات المحورية في المسار التكنولوجي والالكتروني الإسرائيلي – كما كتب أحدهم وأنقله هنا للاستفاده – لتتضح لنا أسباب الهوة بيننا وبينهم . البداية مع “أحباء صهيون” هؤلاء الذين وفدوا إلى فلسطين في منتصف القرن التاسع عشر، وأقاموا المستوطنات بتواطؤ بين رئيس الوزراء البريطاني (الفيكونت بالمرستون والبارون دو روتشيلد) ، وفي عام 1912 فكروا بانشاء “التخنيون” (معهد إسرائيل للتكنولوجيا) ليوضع قيد العمل عام 1924، ويساعد على تصنيع بعض المنتجات الكهربائية التي كان يتم تصديرها إلى الأسواق العالمية؛ حتى إذا ما بدأت تتبلور ملامح الدولة العبرية؛ دعا حاييم وايزمان (عام 1947) روبرت أوبنهايمر أبو القنبلة الذرية الأميركية وهو يهودي إلى المساعدة في بناء مفاعل ديمونا الذي ما لبث أن بوشر بإنشائه في الخمسينات بمؤازرة تقنية من رئيس وزراء فرنسا غي موليه صديق دافيد بن غوريون , ليصبح جاهزاً للعمل عام 1964 بصناعة الرؤوس النووية . وفي عام 1981 حين فكر الرئيس رونالد ريغان إطلاق برنامج “حرب النجوم” بإقامة منصات فضائية مزودة بمدفعية اللايزر، والجزيئيات الالكترونية لتدمير أي صاروخ عابر للقارات خلال 7 أو 8 ثوان ؛ حط المدير التنفيذي للمشروع الجنرال جيمس أبرامسون في تل أبيب للتوقيع على اتفاقيات تتعلق بتصنيع اإسرائيل أجهزة خاصة بذلك البرنامج . تصوروا .. وصولاً إلى برمجية “بيغاسوس” (الحصان المجنح في الميثولوجيا الإغريقية) التجسسية والتي أطلقتها شركة (NSO) الاسرائيلية ليتبين الجانب الفضائحي من تلك البرمجية بتجسسها على الساسة والصحافيين وحتى بعض قادة العالم مع اعتبار أن هناك 117 شركة عالمية متخصصة في الالكترونيات أقامت لها فروعاً مركزية في إسرائيل في حين تغرق دولنا ومجتمعاتنا العربية في ثقافة الحلال والحرام . لن ندع الصدمة تذهب بنا بعيدا في التشاؤم . مثلما تمكنت المقاومة من إرساء معادلة توازن الرعب على المستوى العسكري بالرغم من الفوارق الهائلة في التوازن التقليدي بين القوى لا بد أن تكون هناك وسائل لإرساء معادلة توازن الرعب على المستوى السيبراني؛ بالرغم من الهوة الهائلة بين الجانبين . في صيف 1982 أوحى آرييل شارون لأوريانا فالاتشي ب”أننا آلهة الشرق الأوسط” لتعلّق ساخرة ” لعلك تعلم ما كانت نهاية آلهة الإغريق والرومان” لن يكون صراعنا مع إسرائيل مثل صراعنا الأبدي مع الشيطان . ثمة عشرات آلاف الصواريخ التي تشبه صاروخ “طوفان” اليمني لتنفجر في رأس بنيامين نتنياهو .. وإذا كان الصهاينة يعتقدون ان قتل السنوار أو نصر الله سيمنحهم النصر والأمان فهم واهمون ، فالشعوب الحرة كالشعب الفلسطيني لا تموت وحروبها من أجل الحرية لا ترتبط بشخص قائد أو محارب ، بل ترتبط بالإرادة والتصميم وهي أمور لا يفتقدها الشعب الفلسطيني الشجاع ، الذى ضرب مثلا للشعوب فى النضال والصمود لنيل حريته ومقارعة الاستعمار البربري الهمجي ، وإذا كانت من عبرة للشعب الليبي فهي أن يحافظ على وطنه وثرواته وأن يكون متيقظا للمخططات التي تحاك ضد ليبيا ، فالحفاظ على الحرية والاستقلال هو في حد ذاته مهمة صعبة ولهذا على الساسة والمتخاصمين والمتقاتلين على الغنائم أن يعرفوا أن الاعداء متربصون بالجميع وأنهم يتحينون الفرصة للسيطرة والاستحواذ على ثروات وأرض ليبيا .
■ د. أبوالقاسم صميدة