من غير الملفات الأخرى التي تتسم بالحساسية، وتناولتها الهيئة العامة للرقابة في تقريرها السنوي “53” للعام 2023، الذي جرى الإعلان عنه خلال مؤتمر صحفي بطرابلس في السادس من اكتوبر الجاري. كان تدهور ملف القوى العاملة الذي جعل الوظيفة العامة تستحوذ على 2.099.200 مليون موظف، اي ما يقارب ثلث عدد السكان في ليبيا، تبلغ مرتباتهم 59.998.500 مليار دينار، اي ما يعادل نصف الميزانية العامة، يقابل هذا الرقم 300 ألف موظف فقط بالقطاع الخاص، وأن عدد العاملين منهم في الشركات والمصانع يبلغ 96 ألفاً، و230 ألفاً في الأنشطة الفردية . هذه الإحصائية غير المنطقية، قياسا بعدد السكان، ومستوى الخدمات المقدمة، والتي تشكل وفقا لهذا التقرير ما نسبته %84.5 من القوى العاملة تعمل في القطاع العام، و%10.9 في القطاع الخاص، و%4.6 في المصانع والشركات، لذلك ليس من السهل، بل من العبث التغاضي عنها بمواصلة التجاهل في رتق هذا الشرخ بملف القوى العاملة بشقيها العام والخاص. ومن غير هذا فإن مؤشر البطالة في ليبيا بلغ %18.5، وفقا لتقرير صادر عن موقع “تريندبنغ إيكومونيكس” المختص بالاقتصاد، وصُنِّفت وفقا لذات التقرير بالمرتبة الأولى في معدلات البطالة بين بلدان المغرب العربي لسنة .! 2024 وعلى صعيد الإحصاءات المحلية التي ترتكز تحديدا على قوائم الباحثين الفعليين عن عمل سجلت وزارة العمل والتأهيل، نسبة بطالة بلغت %12 شملت جميع الباحثين عن عمل، بما في ذلك العاملون في الأنشطة الفردية أو الخاصة، وهو ما يعني أن متوالية الوظيفة العامة مستمرة في الازدياد . وبالمقابل، أمام هذا التناقض يبلغ عدد العمالة الوافدة في ليبيا 2.1 مليون وافد، والذين جلهم يعمل بالقطاع الخاص، وتصل تحويلاتهم إلى بلدانهم 12.5 مليار دينار، وهو مايعني أن سياسات إدارة ملف القوى العاملة، الخاصة بالقطاع الخاص مازالت قاصرة على توفير المناخ الملائم من حيث توفر الطمأنينة في مجال العمل، وثبات حقوق العامل المادية والمعنوية، والالتزام بالتشريعات النافذة التي تحدد ساعات العمل، والمقابل المادي لساعات العمل الإضافي. وهنا، وأمام ماتضخه مخرجات التعليم من خريجين وخريجات كباحثين جدد عن العمل، لا نهمس، بل نصرخ وبالصوت العالي في وجه وزارات الاقتصاد والتجارة، والعمل والتأهيل، والصناعة والتعدين والحكم المحلي، والبلديات، ومجلس التطوير الاقتصادي والاجتماعي، والبرنامج الوطني للمشروعات الصغرى والمتوسطة، ومصرف ليبيا المركزي مجتمعين بضرورة حلحلة هذا الملف الحساس الذي تزداد معالجته صعوبة مع مرور الوقت، بمعالجات جذرية لا تربك المشهد أكثر مما هو مرتبك.
■ إدريس أبوالقاسم