لقد جاء اتفاق أوسلو ليحقق للعدو الإسرائيلي السيطرة الكاملة على مياه مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني وليؤكد ضرورة الإبقاء عليها لارتباطها بجوهر العقيدة الأمنية للعصابات الصهيونية .. فيقول المحلل العسكري – رئيف شيف – إن مسألة الموارد المائية بالضفة الغربية وقطاع غزة تثير مشكلات أمنية شديدة التعقيد و الصعوبة، فالمياه لاتعرف حدودا وليس بإمكاننا أن نعالج مسألة انسيابها و تدفقها الموجود بجوف الأرض؛ الأمر الذي لايمكننا معالجته كمعالجة ترسيم الحدود من خلال وضع علامات اصطناعية بالسفوح الغربية للضفة الغربية وحول أهمية السيطرة الإسرائيلية على مصادر مياه الضفة الغربية جاء في تقرير قدمته لجنة (بن اليسار) التي كلفت بوضع دراسة حول مسألة الحكم الذاتي للفلسطينيين في الأراضي المحتلة 1967 م بأنه يجب أن تستمر إسرائيل في السيطرة على الموارد المادية في الضفة الغربية وقطاع غزة لأنه سيكون من المستحيل إقامة مستوطنات إسرائيلية جديدة بالمناطق الجديدة دون مصادر للمياه الأمر الذي يتطلب السيطرة والإشراف على مصادر المياه ومن هنا يبدو الأمر واضحا عن الأسباب التي ترفض خلالها (إسرائيل) إقامة دولة فلسطينية وهو عامل المياه .. وهذا ينطبق أيضاً على أسباب رفض العدو الصهيوني قبوله بتسوية سياسية في الضفة العربية لخوفه من فقدان الموارد الحياتية فيها باعتبارها (خزان المياه لإسرائيل) وقد قامت (إسرائيل) بعدة مشاريع مائية كبيرة بمناطق مختلفة بالضفة الغربية لري مستوطناتها وقد ساهمت هذه المشاريع بالسيطرة العملية على مياه الضفة الغربية من قبل سلطات الاحتلال والتي كان لها الآثار السلبية المدمرة لحياة المواطن الفلسطيني .. وبتعبير أكثر وضوحا أقول إذا كان هذا هو الحال والذي وصلت إليه أهمية مياه الضفة الغربية وقطاع غزة للعدو الرسرائيلي فهل هناك من يعتقد أو يصدق بأنه سيوافق على منح الفلسطنيين حكماً ذاتياً يحميهم من السيطرة على مصادر المياه بالضفة والقطاع ؟! ومن جانب آخر نجد أن اتفاق (أوسلو) المشار إليه لم يتعرض إلى ادعاء (إسرائيل) بأنها ليست محتلة بمعنى أن الأراضي المسيطرة عليها ليست محتلة؛ بل إنها أراضٍ (للصهاينة) أو متنازع عليها ومن حقها الوجود فيها .. إضافة إلى ذلك فقد أبقى (اتفاق واشنطن) 1995/9/28 م السيطرة الإسرائيلية على موارد المياه بغزة والضفة إلى مفاوضات الحل النهائي وقد أصر الإسرائيليون على استمرار سيطرتهم على 83 % من مياه الضفة .. وقد أجل بحث نقل سيادة الفلسطينيين على هذه المياه لمفاوضات الحل النهائي بعد إصرار الصهاينة على استمرار سيطرتهم عليها، وفصل الاتفاق بين السيطرة على الأرض و المياه تحتها وزير الزراعة الصهيوني .. أن المياه لاتعرف ما يدور فوقها ولا علاقة لها بمشكلة الأرض و الحدود ؟ .. تفسير صهيوني سمج !
■ عثمان اسماعيل