في إسامنا الحنيف وديننا المستنير لا نقدس أياً من الظواهر الطبيعية مهما كانت عظمتها أو أبعادها التاريخية، فالأنهار والجبال والشمس والقمر والنار على سبيل المثال لا تعني في الإسام شيئاً سوى قدرة الخالق عز وجل على تسيير الكون وخلق المقدرات التي تهيئ سبل العيش للبشر أجمعن. ما حفزني على هذا القول وجرني إلى هذا الحديث هو موقف أشاع استغرابي وأثار استهجاني عندما أهداني أحد الأصدقاء قنينة معلبة بشكل جميل ومصنوعة بتقاسيم مغرية للشاري، مشيراً إلى أنها مملوءة بماء زمزم اشتراها قبل أيام من مكة عندما كان يؤدي العمرة هناك.. قلت له إنها مجرد علبة قد يختلف ماؤها في تحليله الكيميائي لكنه لا يحمل أي أثر مقدس ولا يحتوي على أي معان أو إيحاءات دينية عندنا نحن المسلمن.ي تعجب هذا الصديق من ردي على هديته واستغرب تعاملي مع الأمر خاصة أنه اشترى من هذه العلبة الكثير وقرر أن يوزعها على أصدقائه المقربن قائا إن فيها أكثر من أربعن دواء لشفاء معظم الأمراض ببركة الله، مؤكداً على أن أحد الشيوخ في الحرم الشريف أكد ذلك في محاضرة ألقاها هناك. أوضحت له أن هذا (الشيخ) لا يختلف عن التاجر الذي باعك العلبة ولا عن صاحب (براءة الاختراع) الذي فكر في تعبئة ماء زمزم في علب وبيعها للناس، فكل هؤلاء يستغلون الناس البسطاء بالدعاية الدينية الزائفة كي يمرروا بضائعهم كأي سلعة أخرى تباع في السوق، الفارق الوحيد هو أن هذه السلعة مغلفة بمسوح ديني يساهم في سرعة بيعها وتهافت الناس على شرائها. لم يقتنع صديقي برأيي لكنه ترك العلبة في مكانها وغادر إلى حيث لا أعلم . مشكلتنا مع تجار الدين ومروجي الدروشة أكبر من الخطر الذي تمثله التنظيمات المتطرفة والحركات المتشددة في مجتمعنا، فهذه التنظيمات وتلك الحركات التي تنتهج العنف والتخريب باسم الإسام صارت معروفة وواضحة في عدائها لنا، لأنها قتلت من المسلمن أكثر من كل أتباع الأديان الأخرى ، ي لكن هؤلاء التجار الذين يتمثل خطرهم في أنهم يسوقون بضائعهم باسم الدين، ويظهرون من التدين والخشوع ما يجعل الكثيرين يصدقونهم وتنطلي عليهم حيل وألاعيب هؤلاء الأفاقن الذين انحرفوا بتعاليم الدين وخربوا عقول وأفكار البسطاء الذين ساروا وراءهم وأغرقوهم في ظام الجهل والدروشة، وقربوهم من طقوس وتعاليم الوثنية. لا أريد أن أطيل أكثر في الخوض بهذا الأمر لكنني أدعو كل من يقرأ هذا المقال ويمر عل هذا الرأي أن يتأمل في معانيه ويتفكر في مضامينه دون أية أفكار مسبقة قبل الحكم عليه سلباً أو إيجاباً .
■ خالد الديب