مقالات

ظاهرة الأخ الأكبر

تبقى رواية )العالم سنة 1984 (التى كتبها الروائي الإنجليزي جورج اورويل عام 1948 .. كأنما كتبت هذا العام .. لم تكن الرواية فكرة طوباوية ولاهي مدينة فاضلة على قرار من سبقوه في اختراع هذه المدن والجمهوريات منذ جمهورية افلاطون وحتى الجمهورية العالمية المتحدة .. أو هي العولمية المتحدة .. وقد صار العالم قرية … والعبارة الأخيرة (القرية العالمية) تثير في انفسنا هواجس لامجال لإيجازها … وأساطين العولمة من مهندسين لاعلاقة لهم بالهندسة وخبراء لاتتجاوز خبراتهم مستوى خبرة تلميذ ابتدائي .. وكيف لنا أن نصف ساسة اليوم أو سياسة اليوم والعالم ينهار ويتأزم .. ويسير إلى الهاوية بفعل أفكارهم التي تخلو من الفكر… جيو بوتيك .. بلا جغرافية .. وبلا أسرار … بلا مقاصد ولا مخططات والشعارات تخبو كل يوم وتنطفيء ..فلم يعد هناك مايقال أين هو السلام والتعاون والرخاء والغنى..أين هو الأمن والعدالة والقيم والصدق .. أورويل صور العالم سنة 1984 .. ولا أراه قصد تصوير الحياة في العام 2004 .. وقد مضى على زمن كتابة هذه (الأيقونة الأدبية) حوالي القرن من الزمان ، ولكن أحداث الرواية ووقائعها لاتزال تفرض وجودها على الجميع وكأنها صورة فوتغرافية أو لنقل سينمائية على وجه التحديد لايزال الكذب هو الصدق والعبودية هي الحرية والظلم هو العدل والحرب هي السلام هذه حروف أرويل .. ولايزال الأخ الأكبر للشعب … هو العدو الأكبر ولايزال وجوده ضروريا . (فإن لم يكن موجودا فإن امراة بينكم ستتكرم بإنجابه) بل وطائفة من الحمقى والرعاع والسفلة والجهلة وتتعهده بالتربية والرعاية والحماية وطبول ومزامير من الجوعى والبؤساء والمضطهدين والمشردين والمعذبين والمقهورين .. وتتغنى بملاحم التقدم والرفاهية والقيم والمباديء والسعادة والأمن .. وأبواق .. إعلام وصحافة …. ميديا تلعلع بلعنة الإرهاب والبطش وتخوض في سير نيرون وكاليجولا ولم ننس قيصر وهتلر .. وجنكيز خان وبونو شيه وشاوشيسكي وبول بوت . وأشعار بلا صوت ولا لون .. ولارائحة ولاطعم قصائد وملاحم تشيد بأخلاق الأخ الأكبر وعطفه وتواضعه .. وسماحته وإيثاره . وأجهزة …وشبكات .. وشبكات مضادة للشبكات .. ولاتحدثك نفسك بقول كلمة سوء في الأخ … ولاحتى التفكير . فإذا أردتم القيام بمحاولة من هذا النوع ماقرأوا هذه الكلمات أو ردوا عليها .. أعرف أنكم لن تردوا … يتمدد هذا الأخ في الأرض غير أرضه .. ومساحة ليست له بل هي مساحات . في أرض العرب .. من محيطها إلى محيطها . وفى بلاد العالم الثالث على توزعها الجغرافي. غير العادل .. خاصة في إفريقيا .

■ احمد سدوح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى