ذاك المصاب الذي يصيبنا في مقتل أو في أي عضو من أجسادنا يأتينا يدب نحونا ببطء نشعر بمقدمه دون ان نراه يسيطر علينا ويحجرنا في زاوية ضيقة كأنها السجن ونبقى في عزلة تجعلنا نكره الأكل والشرب ولا نقوى على البلع ولا على الكام، ونعجز عن الوقوف لو الجلوس والاستلقاء ولا نقوى على الحركة ويصبح كل شيء حولنا لا يطاق . ياله من وجع مر مؤلم يسري فينا كسريان الدم في العروق ويفعل بنا الأفاعيل يغير نمط حياتنا كما يشاء يجعلنا نئن ؛ بل ونصرخ ونتقلب ونتجرع العذابات وكأننا لم ننعم بمتعة واحدة قط طوال حياتنا، وننسى نهائيا أننا كنا نعيش في صحة وعافية وقوة وتلذذ بنعمة حواس السمع والبصر والتذوق والتنفس ونملك جسدا معافا خاليا من الأمراض. إنها الصحة ياسادة أغلى من كنوز الدنيا وما فيها ؛ يالها من نعمة جليلة يتمتع بها الأصحاء ويستمتعون بها فيتحركون ويتنقلون ويملكون قدرة الإبداع . الصحة ذاك { التاج } الذي يحمله الأصحاء فوق رؤوسهم دون وعي منهم ، ولا يشعرون بقيمتها إلا بعد فقدانها وزوالها .للأسف هذه الصحة؛ النعمة العظيمة الجليلة تجيب عنها الألسن الغافله بقولها :- { الحمد لله حتى على الصحة } وكأن الأمر بسيط وثانوي ولا يحتاج غير حرف (حتى ) في الوقت الذي فيه الصحة هي الحقيقة والتاج الذي لا يراه إلا المرضى .هذا هو وجع الأبدان الذي يحاصرنا ويقيد حركتنا؛ فماذا عن وجع الأحبة ووجع الحاجة والظروف المعسرة التي تقهرنا وتعيق مسيرتنا ؟ ماذا عن وجع ما نراه من فساد وتجاوز وعبث بمقدرات البلاد و الاعتداء على العباد وممتلكاتهم ؟ماذا عن وجع الأمة التي تستباح ويقتل شعوبها وتنهب خيراتها وتداس ؟فانملك أمام هذا الغن وهذا العناء وهذا الألم إلا أن نقول { الله المستعان }
*عبد الرزاق يحيى