الماء .. إكسير الحياة
الكل يبحث عن إكسير الحياة بينما هو اليوم يهدر أمام العين ودون أن يحرك أحد ساكنا بما فيها الدولة أو الحكومات المسيطرة ؛ الماء هو شريان الحياة الذي عانى المواطن من قلته إبان الحقبات الماضية وحتى جاءت مياه النهر من الخزانات الجوفية من جنوبنا الكريم المعطاء , ويعلم المواطن أنه بذل وقدم أموالا كضريبة أو رسوم خاصة بمشروع نقل مياه النهر الشهير .أمس واليوم وحتى غدا لا تلوح في الأفق قرارات أو قوانين تلزم المواطن على ترشيد استعمال المياه العذبة فهي تهدر في مغاسل السيارات والورش والطرقات والشوارع والأحياء السكنية؛ تجد بركا صيفا وشتاء أمام البيوت بسبب إهمال عدم قفل الحنفيات في حدائق ومداخل البيوت السكنية وقد انتشرت ظاهرة سيئة جديدة وهي التخلص من الرمال والأوساخ برش المياه المندفعة من مضخات وغيرها لساعات طويلة مما يهدر آلاف الأمتار المكعبة من هذا الإكسير الغالي الثمن والذي يصلنا مجانا وبلا رقيب أو حسيب . كل الحضارات نشأت ليس على النفط أو الذهب وإنما على ضفاف الأنهار والوديان الدائمة الجريان فتنشأ منها الزراعة والصناعة والتجارة والنقل والمواصلات وكل المجالات الحيوية الأخرى.حين نرى الكميات الهائلة من المياه تهدر ولا يمكننا فعل شيء تقتلنا آهات الحسرة داخليا ونلجأ إلى الدعاء مع هذه الظاهرة غير المسئولة لمواطن لا يتنبه ولا يحافظ على هذه المياه المهدرة بالكميات الكبيرة والتي تنتهي جلها في فتحات تصريف المياه . كلنا عايش ندرة المياه وانحسار أودية المياه إلى الجنوب فالمناطق التي كانت الآبار الزراعية توفر فيها كميات المياه العذبة على أمتار قليلة بالقرب من ساحل البحر؛ تراجعت إلى الخلف حتى تعمقت الآبار إلى 250 مترا وأكثر في مناطق وادي الربيع والجفارة وغيرها ولدينا مدن كبنغازي وطبرق وإجدابيا لا يتوفر بأرضها ماء صالح للشرب . دول العالم كلها تلجأ اليوم لتحلية المياه لتعويض النقص في كميات المياه المطلوبة للزراعة والصناعة وغيرها، وهناك عدة ابتكارات لمعامل وأجهزة ومحطات قديمة وحديثة لتقنية تحلية كمية المياه وبتكلفة بسيطة جدا . أغلب الحروب والمعارك والغزوات نشبت بسبب نقص المياه والتعرض لمستقبل ينذر بخطر العطش وندرة المياه وقد تكون حروب المستقبل كلها على الحصول على مصادر المياه فمثلا استيلاء إسرائيل على مناطق حدودية لسوريا والأردن بسبب توفر أنهار كالعاصي وغيرها؛ كما أن ما يشهده الواقع الليبي اليوم من محاولات واعتداءات لسرقة مخزونات مياه الكفرة وسيوه القريبة من الحدود المصرية من قبل الشقيقة مصر بعد أن فشلت في استرجاع حقوقها من مياه النيل باعتبارها بلد المصب؛ لدليل واضح على أهمية الحفاظ على مصادر المياه؛ قال تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي) سورة الأنبياء . نأمل من جهات الاختصاص من وزارات وبلديات وأجهزة أمنية وشرطية وحرس بلدي التنسيق بشأن وضع غرامات قانونية للكف عن إهدار المياه مع وضع رسم ولو رمزية مثل ثمن البنزين على المواطن المستفيد لترشيد استهلاك المياه والتي يجب أن تبقى أمانة للأجيال القادمة. كذلك ديننا الحنيف وشريعتنا الإسلامية الغراء تحض على عدم الإسراف في استعمال المياه حتى في حالة الوضوء وجاء في الأثر (لا تسرف في الماء ولو كنت على نهر جارٍ) .
■ محمد بن زيتون