ليس عيباً أن نتعلم لغة الآخرين لأن ذلك سيمكننا من التواصل معهم ومعرفة ثقافاتهم وعلومهم والنفتاح عليهم بما لا يؤثر في عقائدنا وثقافتنا أو يطمس هويتنا وتغير من عادات مجتمعنا وتقاليده ، وكل ذلك لاشك أنه يصب في مصلحتنا لأننا في حاجة لتواصل مع هؤلاء الآخرين خاصة الذين سبقونا كثيراً في مجال التقنية والعلوم التطبيقية بصفة عامة للاستفادة من علومهم ومن تقدمهم العلمي………. وإلى بلداننا وتطبيقها التطبيق الأمثل الذي ينعكس إيجاباً علينا جميعاً لأننا في حاجة إلى ماوصلوا إليه من تقدم تكنولوجي مذهل ولابد لنا من مواكبة هذا التقدم وهذا التطور والذي لا يكون إلا متعلم لغة هؤلاء الذين سبقونا بمراحل متقدمة في مضمار العلم والتقنية الحديثة . نحن هنا نكاد نكون مجرمن على ذلك لأننا لسنا مخترعن ولسنا بصناع شيء واعتمادنا دائماً على اخترعات وصناعات الآخرين . هذه هي الجوانب الايجابية لتعلم لغة الآخرين والتي تجعلنا على تواصل معهم ومعرفة ماتوصلوا إليه في مجال العلم والمعرفة وهي جوانب لابد لنا من الأخد بها حتى لانبقى في دائرة التخلف والجهل بالأشياء وحتى نأمل شرهم ومحاولات غزوهم لنا فكرياً وأدبياً .محاولات طمس هويتنا العربية والإسامية ومحاولات تدمير أخلاقيات شبابنا وغسل أدمغتهم بثقافات مستوردة من شأنها تغيير واقعنا إلى الأسوأ ،ولكن يبدو أن هذه المخاوف قد بدت تلوح في الأفق من خلال ما نلاحظه من انجرار الكثير من الشباب وراء هذه الثقافات الغربية التي لا تمت بأي صلة لعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا النبيلة ومحاولة ترسيخها في حياتنا اليومية واعتبارها جزءاً منها كإدخال بعض المفردات والمصطلحات الأجنبية في لهجتنا المحلية والتباهي بها ظناً من مستخدميها أنها عنوان للتقدم والحضارة دون دراية منهم أن ذلك جزء من الغزو الثقافي لإشغال الشباب عن التفكير في مصيرهم ومصير أمتهم وأوطانهم وقد تعدى الأمر إلى أكثر من ذلك حيث بتنا نلاحظ أن أغلب إن لم يكن كل واجهات المحات التجارية تعلق عليها لوحات مكتوبة باللغة الاجنبية وبشكل صار لافتاً للنظر ومثيراً للاهتمام والتساؤل عن سبب انتشار هذه الظاهرة رغم أننا لسنا بلداً سياحياً بالمعنى الحقيقي للسياحة وحتى من يأتون إلينا لغرض ذلك فإنهم يقصدون الأماكن الأثرية والصحراوية بعيداً عن المدن وبالتالي لا حاجة لنا لأن نضع هذه اللوحات على واجهات المحات للتعريف بها وبأنشطتها الاقتصادية بلغة لا تعنينا ولا تهمنا لأننا نكتفي بالتعرف على هذه الأنشطة من خلال لغتنا العربية الجميلة نطقاً وشكلاً ومظهراً وأفضل بكثير من هذه اللغة المستوردة التي لاتعبر إلا عن شيء واحد وهو ترسيخ ثقافة التغريب والتباهي بها دون أي تفكير أو إعمال للعقل ، والتساؤل لماذا لا يقوم هؤلاء الأجانب في بلدانهم بوضع لوحات دعائية لأنشطتهم باللغة العربية ،ولكن يبدو أن عقدة النقص وعقدة النظر إلى الأجنبي أنه الأفضل وهو الأكثر رقياً وتقدماً قد سيطرت على عقول الكثير منا حتى أصبحنا نرى هذا الاستفزاز شيئاً عادياً وأصبحت معه الجهات الرقابية و الضبطية جامدة لاحراك لها ولا تحرك ساكناً ولا تقوم بأي إجراء لمنع هذه الظاهرة وإزالة هذه اللوحات من على واجهات المحات لأن بقاءها سيرسخ لثقافة وافدة ويؤكد التبعية للأجنبي الذي يرى في نفسه أنه الأفضل ولا للآخرين أن يسيروا في ركبه وأن ينهلوا من معن ثقانته حتى وإن كانت ثقافة مشوهة ولا تتماشى مع قيمنا وأخلاقنا . إن الضرورة تتطلب تكاثف الجهود بمزيد من التوعية والإرشاد لإنهاء مثل هذه الظواهر حتى تكون لنا خصوصيتنا التي ينبغي لنا الإعتزاز بها وألا نقزم أنفسنا أمام الاجنبي الذي لا يعير لنا أي اهتمام مهما تسابقنا لإرضائه واتباع خطواته واعتناق ثقافاته .
■ محمد المبروك خليفة