نعم ضيف ولكنه ضيف ثقيل وممل وقاس ومضن على أولئك الذين يجلبون مياه الشرب في علب (البلاستيك) ويترقبون قطرات الماء التي تصل بعد الواحدة لي ا عبر أنابيب أتلفها الصدأ وهم في معاناة من هول الحر محصورين بن جدران الإسمنت الساخنة يضطرون لاستخدام الكمادات لتلطيف حرارة اجسادهم . الصيف ضيف ثقيل على العيون البائسة التي ترى وتشاهد بنات أصحاب الكروش وهم يربطون الأحزمة ويستعدون لقضاء الإجازة على شواطئ أوروباوفي ملاهيها القذرة ليأتوا بثقافة دخيلة مستهجنة . الصيف ضيف ثقيل على القابعن في أماكنهم منذ الولادة لا يملكون ثمن الذهاب إلى حيث السياحة والترفيه ولا يجدون حولهم إلا اكوام من الحجارة تصهدهم وتخنقهم لا يغادرونها إلا إلى غمة القبر . الصيف ضيف ثقيل على أصحاب البيوت الحقيرة التي تخنقها أسوار الفلل والقصور العالية فتحاصرها وتمنع عنها نسمات البحري. الصيف ضيف ثقيل على أولئك الذين يجمعون قوتهم بأيديهم في العراء وسط الحقول وفي المحاجر وخلف المقود، وثقيل على الذين يشتغلون في البناء يحملون الحجارة على أكتافهم ويحصدون الزرع حت وهج شمس محرقة بدلت لون توجوههم الشاحبة . الصيف ضيف ثقيل على من لا يملكون أجهزة تبريد تلطف عليهم الأجواء الساخنة وتقي أطفالهم الرضع من الغثيان . الصيف ضيف ثقيل على نزلاء المستشفيات وهم مغلفون بالجبس تحت وطأة الألم والمعاناة .. والصيف ثقيل أيضا على حديثي الولادة بقسم الأطفال الفاقد للخدمات، والصيف ضيف ثقيل على عمال الصيانة ورجال المرور في الميادين . كل أولئك صيفهم ضيف ثقيل، وممل يمر عليهم وكأنه الدهر، صيف ثقيل ينتظرون رحيله بسرعة حتى لو خصم من أعمارهم . ويبقى فقط صيف خفيف ضيف مريح للآخرين الذين يمتلكون التسهيلات والإمكانيات استعدادا لمقابلته والاستمتاع به .
■ عبدالرزاق يحيى