مقالات

وقت مستقطع …

الكم والكيف في العملية التعليمية

تحرص كل المجتمعات على أن تكون العملية التعليمية فيها متقدمة ومواكبة لكل تطور تركز سياسات الدول دائماً على تطوير التعليم واختيار أصحاب الكفاءات العلمية الذين بإمكانهم تحقيق هذه السياسات وجعلها دافعاً معاشاً؛ لذلك نرى أغلب هذه الدول تهتم اهتماماً كبيراً بعناصر المعادلة التعليمية وهي المؤسسية التعليمية والطالب والمعلم حتى تتزن هذه المعادلة وتكون مخرجاتها على الوجه المطلوب الذي يخدم المجتمع ويحقق تطلعاته وأمانيه. كان التركيز على كيفية الرقي بالعملية التعليمية بعكس مانراه لدينا من تركيز على الكم وتخريج أعداد كبيرة والدفع بهم إلى سوق العمل بغض النظر عما تحمله أدمغتهم من معلومات حتى صار النجاح والتخرج والحصول على الشهادات شيئاً معنوياً ومباهة اجتماعية فالكثير ممن يحملون الشهادات لايعرفون شيئاً من المجالات التي تخصصوا فيها ونالوا فيها الشهادات وذلك بسبب اعتمادنا على الكم دون النظر إلى الكيف وإلى إعداد الكوادر العلمية الإعداد الأمثل الذي يؤدي إلى مخرجات ذات كفاءة عالية تحقق التنمية والرفاه الاقتصادي وتساهم بشكل حقيقي وفعال في نمو وتطور مجتمعها وحتى لاتكون هناك بطالة مقنعة وتكدس وظيفي يثقل كاهل الخزينة العامة ودون أن يحقق أى نتائج ملموسة من شأنها أن تنعكس إيجابيا على المجتمع وعلى سوق العمل الذي يدفع إليه بالآلاف كل سنة من حملة الشهادات العلمية مايؤكد السياسات التي تعتمد على الكم دون الكيف . إن مانراه كل عام عند إعلان نتائج الشهادات العامة سواء الإعدادية أو الثانوية يؤكد هذه الحقيقة حيث نشاهد الآلاف من الذين اجتازوا الامتحانات النهائية والبعض اجتازها بطرق باتت معروفة لدينا والتي تعتمد على الغش في هذه الامتحانات نتيجة التهاون وعدم تشديد المراقبة على هؤلاء الطلبة حتى صار الاعتماد على هذه الطريقة في أداء الامتحانات هو القاعدة ومادونه هو الاستثناء. إن ما نأمله من صناع القرار والمسؤولين في قطاع التعليم الاهتمام أكثر بالعملية التعليمية وضرورة رفع كفاءة المعلمين وإلزام المفتشين التربويين للقيام بدورهم على أكمل وجه وعدم المجاملة والمحاباة حتى تستقيم العملية التعليمية ولابد من ربط الصلة وتوثيقها بين المدرسة والمنزل وضرورة توعية أولياء الأمور بضرورة أن تكون العملية التعليمية مسؤولية تضامنية لأجل إعداد الطالب الكفؤ الذي بإمكانه اجتياز اهتماماته بتميز ودون الاعتماد على الغش الذي لم نجن منه أية فائدة إلا زيادة أعداد حملة الشهادات بشكل صوري فقط وذلك لتفوق الكم على الكيف في العملية التعليمية لتكون المحصلة صفرية ولاتخدم بأي حال من الأحوال تطلعات وأهداف المجتمع الذي يسعى إلى الرقي والتقدم والذي لايمكن أن يتحقق إلا لمخرجات علمية فاعلة ومؤهلات حقيقة تحملها عقول ناضجة تم إعدادها الإعداد الأمثل لتكون مشاعل تنير الدروب وتحقق مانصبو إليه من تنمية وتطور علمي حقيقي فليس العبرة بالكم بقدر ماهي بالكيف الذي يجب على الساسة وصناع القرار النظر إليه بجدية واهتمام حتى تكون نسب النجاح حقيقية وصادقه بعيداً عن الغش والمجاملة والمحاباة التي أبدا لن تخدم الصالح العام ولاتحقق الأهداف المرجوة في الرقي والتقدم. فليست العبرة في النجاح وكثرة أعداد الناضجين وإنما العبرة بالكيفية التي يتم بها إعداد الطالب ، تهئية لخوض امتحاناته بثقة في النفس وعزيمة وإصرار على النجاح الحقيقي الذي يرتقي به في سلم التميز والحصول على الدرجات العلمية التي تؤهله ليكون عنصراً فاعلاً في المجتمع ويكون مايحمله من شهادات هو انعكاس حقيقي لما يحمله في عقله من معلومات وأن يكون فعلاً حاملاً للمؤهل العلمي وللشهادات التي نالها فليس كل من يحمل شهادة علمية هو كفؤ في مجاله لأن الكثيرين يسعون لذلك من باب الوجاهة والتباهي؛ أي إعمال الكم دون الكيف وتلك ثقافة يجب أن نتخلص منها إن أردنا أن نكون في مصاف الدول التي سعت إلى تحسين مخرجات التعليم لديها وإلا سنبقى على حالنا نعتمد على الكم دون الكيف !

■ محمد المبروك خليفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى