مقالات

در مفصل

حكاية أغنية من كان زمان

أرسل لي الصديق العزيز الأعز ، الأستاذ سليمان منينه، صاحب أجمل ذكريات وأكبر أرشيف غنائي لأحمد رامي وأم كلثوم ، نسخة من أغنية: ” وجننتيني يا بنت يا بيضه” مُسجّلة بصوت زاكي مراد والد ليلى ومنير مراد ، في مقام حجازكار ووزن بورجيله ، ويرى الأستاذ سليمان أن هذه الأغنية ليبية ، وأن زاكي من اليهود الليبيين، ولكني لا أعتقد أنه كذلك، لأن اسمه لم يرد من بين اليهود المشهورين في مجال الغناء في طرابلس في بداية القرن الماضي، كالشيخ العفريت ، الذي هاجر إلى تونس واشتهر فيها بأغانية الليبية، التي من بينها ليّام كيف الريح في التبريمة *** شرقي وغربي ما أدومش ديمه ، و صهيون محلوله، و حبيبه مسيكه ، التي هاجرت إلى مصر وأقامت واشتهرت فيها ، ويُقال أنها تزوجت سرا من سيد درويش ، و ديدو الجبالي ، و مالو خنافر … وغيرهم من يهود ليبيا. كما أن مقام هذه الأغنية في الحجاز كار ، وهو مقام لم ترد فيه أي أغنية شعبية ليبية ، لأن أغلبها في الرصد والبياتي والسيكه والصبا ، وقد عثرتُ على أغنية قديمة للمرحوم الفنان محمد الكعبازي ، رحمة الله عليه ، مطلعها ” جي منزلك في العلو هبّلتيني” وهي على نفس لحن : و جننتيني ، بالنسبة لأغنية وجننتيني فهي في وزن بورجيله ،الذي يبدأ الغناء فيه من الشطرة الثانية دائما ، مثل أغنية : دير المليحة ما أدّير السيّة ، نور العين والجوبة بعيدة ، هايم بيك وعيوني سهارة، هوّن غلاهم يا زمان علي ، و نفسي عفيفة ما تروم الجافي وغيرها ، واذكر ان المرحوم حسن عريبي كان يقول دائما أن هذه الأغنية ليبية الأصل، وقد هاجرت إلى مصر بلحنها ووزنها، وغناها الكثير من بينهم سيد درويش ، ويقول أيضا أن أغنية شاديه ” قولوا لعين الشمس ما تحماشي ” على نفس اللحن والوزن . وقد غنّت فيروز هذا اللحن أيضا في إحدى مسرحياتها الغنائية بعد تغيير مطلع الأغنية إلى :يا ماريا يا مسوسحه القبطان والبحرية” ، والغريب أن فيروز احتفظت بمطلع الأغنية الأصلي وجننتيني في أحد الكوبليهات ولكنها استبدلت البنت البيضة بالبنت السّمرا !؟ كما احتفظت ببعض كلمات البيت، الذي يقول: يا بلطية يا مسوّحة القبطان مع البحرية ، مع تغيير بلطية إلى ماريا ومسوّحة إلى يا مسوّسحة… كان زمان …

■ د. عبد الله مختار السِّباعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى