مقالات

الكذبة التي تحلّل حراما وتحرّم حلالا

هذه اللعنة التي خدعت الليبيين لمدة طويلة ولازلنا لا نعلم كيف تفشت هذه الكذبة الخطيرة والتي تحلل حراما وتحرم حلالا، لقد عشنا مأساة التباهي من قبل آباءنا وأعمامنا وجيراننا حقبة كبيرة وهم يصرحون بأنهم لا يأخذون الغرامة وأن ذلك حرام وزقوم، رغم احتياجهم الشديد لإصلاح مركباتهم أو علاج أبنائهم المصابين في الحوادث وقد نجد أناسا حتى اليوم متأثرين بذلك فهم يباركون عدم أخذ الغرامة وأن أخذها حرام ، وهذا يخالف الدين والعرف فما زالت القبائل الليبية تعمل وفق الشريعة السمحة الغراء بالاجتماع مع عائلة وقبيلة المتسبب في أذى كحادث سيارة أو قتل روح فتقر الدية المتعارف عليها.. وقد تكون الدية المقررة مبلغ كبير ولكن القبيلة أو العائلة تسند المتسبب وتقرر له مبلغا من الصندوق الاجتماعي القبلي أو العائلي والذي يساهم في إذكاء روح اللحمة والترابط بين أبنائها، فالقبيلة هي في الواقع مظلة اجتماعية خيرة لخدمة أفرادها عند وقوعهم في مأزق وحوادث طارئة وهي ظاهرة مميزة ورائعة . وكثيرا ما يتدخل أهل الخير والصلاح بين الخصمين تشجيع الخصم المتضرر القادر على العفو عن المتسبب وأجره على الله ولا يقال بسبب عدم أخذ الغرامة فيضيع الأجر مع وقوع الضرر والفقد والخسارة. وكانت تشغلنا هذه المسألة عندما يقال لأحد أخذ تعويضا ماليا يا )وجه الغرامة( حتى من أقاربه وأهله ثم التصريح بأن الغرامة قد تجر الشؤم على البيت والعائلة وعند الرجوع للرأي الشرعي وأهل الفتوى والقضاء والقوانين لا نجد أي مبرر لذلك بل التعويض عن الضرر واجب شرعي وقانوني عند القدرة وأن العفو من شيم الكرام ويثاب عليه بأجر كثير. كذلك إن عدم أخذ تعويض الضرر يجر إلى طمأنينة الفاعل والذي يتسبب بإهماله في قتل الأرواح وإتلاف الآليات والمعدات وغيرها فلا يخشى من عاقبة تكراره لذلك بحجة أن الغرامة حرام وزقوم، وعليه فإن الطلب بدفع الضرر الناجم ضرورة لكبح جماح المذنبين والمقصرين فمنهم غير المنتبهين بسبب البعض كتناول جرعات كحول أو حبوب هلوسة أو بسبب استعمال الهاتف النقال و متابعة صفحات النت أثناء القيادة أو ضعف النظر أو التهاون في إصلاح فرامل سيارته وكذلك في الخدمات الأخرى كالإهمال في العمل المكلف به وتسبب في كوارث كالحريق والضرر المادي وغير ذلك . من حق كل متضرر أن يطالب بحق التعويض المالي والمادي ويعد من حقوقه الثابتة وعلى الجميع الانتباه واحترام حق الغير سواء بالتواجد معه في الطريق العام أو الحفاظ على ممتلكاته الخاصة به وعدم الركون على كذبة الغرامة هذه .

 

■ محمد بن زيتون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى