قرار وزارة الداخلية ترحيل الوافدين غير الشرعيين من التراب الليبي وإعادتهم إلى بلدانهم ، هو بداية التصحيح وإعادة هيبة الدولة ، يجب على الجميع دعمه والوقوف معه وهو يحسب لوزارة الداخلية ووزيرها الشاب وأجهزتها الأمنية ، نتمنى أن يكون إيذانا بالخروج من تحت عباءة وجلباب الوصاية الدولية التي استغلت ظروف ليبيا السياسية وحالة الفوضى والإرباك التي تعيشها لتنفيذ استراتيجيتها في توطن المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا لضرب النسيج الاجتماعي المتجانس وإعادة تركيب وهيكلة الديموغرافيا السكانية والمنظومة الاجتماعية الليبية ، لاستغلال ما تتمتع به البلاد من ثروات اقتصادية وموقع جغرافي يعتبر صيدا ثمينا لأطماعهم، وهو ما تؤكده أدبيات الجيل الرابع من خبراء الحروب الغربين وفي مقدمتهم البروفسور ماكس مانوارينج خبير الاستراتيجية العسكرية في معهد الدراسات التابع لكلية الحرب الأمريكية، بأن الهدف الآن يجب أن يكون الإنهاك والتآكل البطيء الذي يعتمد سياسة إرغام الدول والشعوب على الرضوخ لإرادة الاستعمارية ، بزعزعة الاستقرار داخل المجتمعات المستهدفة عن طريق مواطنن من الدولة نفسها للوصول بها إلى تصنيف الدولة الفاشلة وبالتالي إلغاء فكرة سيادة الدولة على أراضيها ومقدراتها الاقتصادية عن طريق التحكم بمدن أو أقاليم ، تكون خارج سيطرة الدولة تتحكم بها مجموعات مسلحة لا تخضع للدولة وقوانينها ، حتى يسهل التحكم فيها ، بخلق وإثارة نعرات إقليمية أو طائفية أو قبلية وتوظيف كل الإمكانات المتوفرة لإشعال فتيلها حتى وأن استدعى الأمر توظيف الدين والعقائد لتحقيق الهدف ، ليتم بذلك إنهاك الدولة وسرعة تآكل مؤسساتها من داخلها وبأيدي مواطنيها ، بانتهاج سياسة الخراب المتدرج للمدن وتدمير المؤسسات والمرافق الخدمية العامة ، وتحول الناس إلى قطعان همجية تخرب وتدمر بغير وعي ، وتشل بذلك قدرة الدولة على تلبية الحاجات الأساسية، التي تكون سببا مباشرا في الحرب الأهلية وهو عمل مدروس ومنظم بدقة متناهية ، هذه الاستراتيجية مطبقة الآن في العراق وسوريا واليمن وفي ليبيا هي تعني نقل الحرب من مدينة إلى مدينة ، لاستنزاف قدرات الدولة بعناصر محلية من كل الجهات، وتسخين جبهة وتهدئة أخرى، اي إدارة الأزمة وليس حلها. بصرف النظر عن وقوع ضحايا أبرياء لأن الهدف هو السيطرة وتقويض أركان الدولة .. هذا المخطط يشمل أيضا إغراق المجتمعات المستهدفة بما بات يعرف بالمهاجرين من مختلف الجنسيات وتوطينهم وإدماجهم في المجتمع ثم منحهم حق التملك والجنسية ، من هنا يجب أن نلتف وندعم قرار الترحيل بكل قوة وإن يكون من أولى أولويات حكومة الوحدة الوطنية وعدم الرضوخ لمخططات الدول الغربية وفي مقدمتها دول الاستعمار القديم فرنسا وإيطاليا، وما تقومان به من محاولات لإثارة الفتنة بن الليبين تارة بدعم المجلس الأعلى للامازيغ الذي هو صنيعة فرنسية وإخوتنا الأمازيغ براء منه وتارة بمحاولة إقامة المشاريع المشبوهة من إيطاليا في الجنوب الليبي .. ما نأمله ألا تكون هذه الحملة طفرة عابرة سرعان ما تتلاشى أمام الضغوط المتوقعة من بعض الأطراف الدولية المتداخلة في المشهد الليبي .
■ عون ماضي