تحت جسر ميرابو يتدفق نهر السن كما يتدفق حبنا . هكذا يردد الفرنسيون تلك الأغنية الشعبية التي تخلد ذكرى (ميرابو) خطيب الثورة الفرنسية وأحد ضحاياه المشهورين . تجاوزت الثورة الفرنسية قرنن من الزمن بعد أن كانت أول جمهورية في التاريخ، وقدمت أول ميثاق مكتوب لحقوق الإنسان، وأول من إستخدم المقصلة لقطع رؤوس الأعداء والأصدقاء معاً، وهي كذلك أول ثورة ضد البسكويت، كما أنها كانت أول إتحاد بن الفلاسفة والفلاحن، وأخيراً هي أول ثورة تعلن إنتحارها بعد أن أكلت أبناءها. سجن (الباستيل) رمز الثورة الفرنسية لم يكن بداخله سوى ستة سجناء فقط إثنان منهم كانا قد أصيبا بالجنون وأربعة من المثقفن الذين نستهم الثورة في اليوم التالي لخروجهم وأنشغلت بملء السجن بكل أطياف الفرنسين الذين نجوا من مقصلتها. ي الثورة الفرنسية بدأت بذبح الملكين وانتهت بأكل أبنائها، بدأت بالهجوم على (الباستيل) وأنتهت بمحاربة أوروبا، بدأ بالفكر والخطابة وانتهت بالسيف والمقصلة، بدأت بفيلسوف كبير هو جان جاك روسو وانتهت بضابط كورسيكي قصير يدعى نابليون بونابرت. الثورة الفرنسية هي التي علمتنا المقولة المشهورة “الثورة يحرض عليها الفلاسفة وينفذها الغوغاء ويسرقها الجبناء” هذه المقولة التي ظلت على مدى التاريخ الحديث عنواناً لمعظم الثورات التي اندلعت في الكثير من دول العالم وساحاته وأثبتت صدقيتها بمرور الزمن وتعاقب الأحداث . لولا الثورة الفرنسية ما كانت الجمهورية الخامسة، ولولا لويس السادس عشر ما كان نابليون بونابرت، ولولا بسكويت ماري انطوانيت ما سقط الباستل، ولولا المقصلة ما كانت وثيقة حقوق الإنسان .. هكذا يقول الفرنسيون وهكذا يعلمنا التاريخ .
■ خالد الديب