بواسطة الصور المتحركة على شاشات أكبر من مليار من أجهزة التلفزيون وصفحات التواصل الاجتماعي تتشابه الرسائل وتتوحد الأحلام وتتدغدغ الأماني وتتحرك الأفعال.وعلى أكثر من خمسمائة قمر صناعي حول الأرض ترسل الإشارات اللاسلكية التي تدعو إلى العولمة والالتقاء والتواصل وحتى المواجهة والتعنيف والاقتتال، لقد اقتلعت الأطباق وصفحات « السوشيال ميديا» الملايين من حياتها التي اعتادت أن تعيشها على الرغم من اعتراض الحكومات لنقل عبر عقدين من الزمن على الصور والمعلومات والأخبار والايحاءات وكل ما يبث ، إلا أنها لم تستطع أن تنشر سيادتها على فضائها الجوي أو تتحكم فيه، فالمراقبة والرقابة مستحيلة عمليا، ولم يعد للدول في هذا المجال إلا خيار واحد هو تسهيل الاتصال وسريان الإعلام لصالح الشبكات العالمية، فالمحتوى المنتج من الهواة والأشخاص العاديين يزداد مقابل المحتوى المنتج من المؤسسات الإعلامية، إنها طفرة وازدهار للمحتوى المصنوع من المستخدمين، سيئا كان أو ذا قيمة، ولا سبيل للحكومات إلا التعامل مع «السوشيال ميديا» إلا كأداة للاتصال الحكومي والسياسي والتجاري وآلية من آليات التفاوض السياسي والحكومي.صحيح إن سياسات الإعلام والاتصال ترسم من جديد على مستوى العالم خصوصا مع بداية سنة 2024 وما بعدها بالتوجه نحو تشديد فرض الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي وإعادة النظر في مساحة الحريات المسموحة وفرض القيود المشددة على المحتوى المقدم وربما قد لاحظنا بعضا من تلك القيود حينما تم حظر الرئيس الأمريكي السابق ترامب من التغريد ومنع نشر رسائله على وسائل التواصل بحجة مخالفة السياسات وقيم المجتمع ومعايير النشر؛ لكن كل ذلك لن يكون مجديا من وجهة نظري بعد أن دخلنا ثورة الجيل الثالث من الويب3، وصحافة الذكاء الاصطناعي صحافة الجيل السابع كما أطلق عليها الدكتور محمد عبد الظاهر وإمكانية التفاعل مع تقنية «البلوك تشن» وصحافة البيانات والخوارزميات والحوسبة السحابية، مع كل هذه التقانة لن يقدر أحد على كبح جماح وسائل الإعلام والاتصال ولا حتى تأطيرها .. لقد ركبت تقنيات الإعلام الجميع، حكومات وأنظمة وشعوب إنها موجة عاتية وعلى الجميع الانحناء لها كرها أو طواعية، وليس أمام الحكومات والشعوب إلا التعامل والتفاعل مع أدواتها، أما مسألة لجمها أو الحد منها ورقابتها تبدو من تخاريف الماضي .
■ الدكتور : عادل المزوغي