مقالات

(نافذة) ..

(الغش خارج قاعة الامتحان)

نعم إنه الغش المنتشر جهاراً نهاراً سراً وعانية غش يخترق لكل النظم واللوائح والقوان ويعمل بحرية مطلقة وسط فضاء نرحب بعيداً عن الأربع جدران المحاصرة تحت رقابة عيون عمياء مستأجرة بدون أجرة . الغش هذا الذي يرتع خارج قاعة غير محصنة فاقدة للعناية المركزة بعيدا عن لجنة (كنترول)  متعبة . غش يهدد حياتنا ومسيرتنا التنموية ويقضي على القيم وينزع الثقة فيما بيننا . انه داء الغش الأخطر من الالتهاب الكبدي والإيدز والكارونا وكافة الأمراض المعدية . كيف لا ونحن نجده في رغيف الخبز الذي نأكله وفي صندوق الفاكهاني وفي كواليس السياسة ونتذوقه في طعم اللحوم الحمراء والبيضاء ونكتشفه بعد زمن عند بعض المقرب والأخاء . الغش الذي نيقلق راحتنا ويثير غضبنا واستيائنا وياحقنا بل ويازمنا في كل للمكان . فنجد أنفسنا نتعامل مع من حولنا بحذر ونتردد في اتخاذ القرار ونزرع الشك في القول والعمل . الغش في الحديث مع الرفيق والصديق والأخ الأم ومع من نعتقد بأنه معنا نومأمن أسرارنا وصاحبنا وحبيبنا لنتفاجأ بأنه يخدعنا ويغدر بنا وكان طول الوقت يغشنا ويظهر لنا عكس ما يبطن.حينها نصاب بخيبة أمل مخزية وحسرة مريرة وربما لوعكة صحية تازمنا حتى الموتى . للأسف الغش استفحل لوكثر، نراه يلهو ويمرح ويعبث فينا وبيننا كيفما شاء . بوجوده فقدنا روابط اجتماعية حميمة وانقطعت أرحاماً كانت ودودة متزاورة وتفككت عاقات روحية وخدمية وتعاونية واسعة . للنبقى في النهاية وحدنا نلتمس الطريق وكأننا نعيش في دولة معادية . إنه الغش الذي (بدأناه) مع الطفل الرضيع فيما يسمى (بالزلباحة) . وتواصلنا معه في تخويفه (بالبالالو وبوسعدية والغولة) ونهرناه في شبابه وعايرناه لعدم تمكنه من اللحاق بأقرانه الحاصل على المال نوالمنصب السريع بغض النظر عن الطريقة والوسيلة المتبعة . سنبقى نعاني مخلفات وتهديدات ذلك الغش اللع ونتبادله فيما نبيننا ويخدع كل منا الآخر طالما ابتعدنا عن تطبيق أوامر ونواهي الدين الحنيف (من غشنا فليس منا) فا يسلم الخباز الذي يغش في الرغيف من خطورة مستعملي الأدوية والمبيدات الزراعية والداخلة في علف الحيوان والدواجن لغرض تسمينها السريع . ولا نجاة لمن سرقوا مخصصات الصحة والتعليم والطرق والجسور من المرض والحوادث و إخفاق ابنائهم وفشلهم الذريع وانحرافهم وإدمانهم للمخدرات . فالحقيقة المثلى والواقعة هى (كما تدين تدان) . ومن يحفر حفرة لأخيه سيقع فيها لامحالة .

■ عبدالرزاق يحيى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى