مانراه ونتابعه في مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة والمنصات التى تعددت مسمياتها هو في الحقيقة انفلات إعلامي غير مسبوق بعد أن أصبحت هذه المواقع والمنصات مجالاً مفتوحاً أمام كل من يريد الدخول إليها والتعامل معها بعيداً عن أي معايير إعلامية وأخلاقيات المهنة التى تتطلب الصدق واحترام المتلقي ، وعلى مدار الساعة لا تتوقف هذه الموانع والمنصات عن بث المقاطع المصورة والمعلومات والكتابات – أياً كانه نوعها وأياكان مضمونها – حتى بتنا نتابع ونشاهد فوضى إعلامية عبر هذا العالم الافتراضي الذي اقتحم حياتنا ودخل – دون استئذان – إلى بيوتنا وصارمحور اهتمام الجميع وفرض نفسه بكل محتوياته ((الغثة منها والسمينة)) وكذلك الصادقة والكاذبة لان ما يبث عبر هذا العالم لا يخضع لأي رقابة ولأي فلترة أتصفية ، وقد زاد من هذه الفوضى إقدام الشركات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي بتشجيع المدونين والزائرين لهذه المواقع واستخذمها بدفع الأموال بهم وكأن لسان حال هذه الشركات يقول لهؤلاء كثفوا من مشاركتكم واكثروا من بث مقاطعكم وموادكم المكتوبة ولا تهتموا بشيء سوى ((كثرة اللايكات)) حتى نحصلوا على أكبر قدر من الأموال والأمثلة على ذلك كثيرة ولست هنا في صدد حصرها وعدها لأنها لا تهمني بقدر ماتهم أصحابها الذين يبحثون عن الثراء ودون أي اهتمام بوسائل جمع الأموال حتى وإن كانت عن طريق المقاطع الهابطة والصور غير أخلاقية التى تصاحبها الألفاظ النابية والتى نستحى من ذكرها احتراماً لهذا المنبر الصحفي المحترم واحتراماً للقارئ الكريم . إن هذه الفوضى التى عليها العالم الافتراضى باتت مصدر قلق لكل إنسان محترم يبحث عن الأخلاق والفضيلة والشرف لأن ثأثيرها سيمثل الجميع وسيؤثر على أخلاقيات أبنائنا وبناتنا سيما وأن الدخول إلى هذا العالم سهل وبسيط ولا يتطلب كثيراً من العناء ساعده في ذلك ضعف الرقابة من الوالدين وأولياء الامور لأن هذا العالم دخل حياتنا عبر أجهزة غاية في التطور العلمي الذي أتاح استخدام هذه الزجهزة بعيداً عن أعين الرقابة حيث يمكن استخدمها في أي مكان وأي زمان وعلى مدار الساعة لزن ملحقات هذه الأجهزة وأضرارها قادرة على مساعدة المستخدم لتشغيل هذه الأجهزة بالطريقة التى تناسبه والتى تضمن له عدم رقابة الآخرين له .إن المسؤولية كبيرة جداً وهي مسؤولية تضامنيه من كل الأطراف ولا يمكن لأي طرف أن يتخلى عن دورة في مجابهة هذا الخطر الالكتروني المحدق بها ،حيث تبدأ هذه المسؤولية من البيت من خلال الآباء والآمهات الذين يجب عليهم تكثيف مراقبتهم لأبنائهم لإبعادهم عن هذه الفوضى التى ساهمت كثيراً في تدمير العلاقات الاجتماعية لدى العديد من الأسر والعائلات وأحدثت خرقا في النسيج الاجتماعي بماثبثه من مواد ومقاطع مصورة خطيرة جداً ساهمت – وللأسف – في تدمير أخلاق العديد من أبناء هذا المجتمع وخلقت مشاكل اجتماعية ماكنا نعرفها قبل هذا التدفق المعلوماتي غير المسبوق ، كما ينبغي أن تقوم المدرسة بدورها التربوي وعدم الاكتفاء بالجانب التعليمي لأنها – أي المدرسة – هي أحد أهم الدعامات التى يمكن الاعتماد عليها في تربية النشئ من خلال هذا الدور التربوي الذي يستنذ على التوعية والإرشاد للتقليل من خطر انحراف وجنوح أبنائنا وإرشادهم إلى الطريق الصحيح الذى يمكن لهم السير فيه حتى لا يكونوا ضحايا لهذه الفوضى المعلوماتية المفتوحة أمام كل من يرغب الخوض فيها وبث سمومه ونفاياته وقاذوراته عبر مواقعها ومنصاتها المختلفة . والمسؤولية لا تتوقف عند حدود البيت والمدرسة ولكن تتعدى إلى مؤسسات المجتمع الأخرى والتى يأتي في مقدمتها المسجد وثأثيره الايجابي في رواده وكذلك المسؤولية تقع على وسائل الإعلام المختلفة سواء المرئي أو المسموع أو المقروء ، لأن الجميع في مواجهة حقيقية مع هذا التيار الجارف الذي اسمه العالم الافتراضي الذي رغم مافيه من ايجابيات إلا أن سلبياته كثيرة وخطيرة ليس أقلها تدمير الأخلاق وخرق النسيج الاجتماعي الذي كنا نعهده متماسكاً لعقود طويلة ، ولأن الأمر خطير فلا بد أن تتكاثف الجهود لأجل التقليل – على الأقل – من هذه الأخطار المحدقة بنا رأفة بابنائنا وقبل أن يجرفهم هذا السيل العرم الذي مصدره عالم افتراضي فرض نفسه وبالقوة علينا جميعاً وليس لنا من بد إلا الوقوف في وجهة قدر المستطاع حتى لا تتعاظم المصائب ،نفقد مجتمعاً كان في فترات طويلة رمزاً للمجتمعات المحافظة التى تصون العرض والشرف والأخلاق .
■ محمد المبروك خليفة